كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فخطبة العيد مِن أهم الوسائل لنشر الدين في جمهور الناس فلابد مِن تضمنها لأهم مسائل الإسلام والإيمان والإحسان؛ فالناس بعد رمضان قد صاموا وسمعوا القرآن فقبولهم للحق أعظم، وتذكيرهم بالآيات والأحاديث أعظم أثرًا في النفوس، فلابد أن يكثر الاستدلال في الخطبة بالآيات والأحاديث الصحيحة أكثر مِن العبارات المنمقة أو المسجوعة أو الحماسية.
ومن الممكن أن يكون المدخل للخطبة كالآتي:
- رمضان شهر القرآن، والقرآن حياة القلوب والأمم والمجتمعات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال:24)، (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) (الشورى:52)، (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) (الأنعام:122)، فهل لنا أن نحيا بالقرآن ونحيي به العالم مِن حولنا.
- العالم اليوم في تيه وضلال وحيرة شديدة، والصراع مع الإسلام لمنع نوره مِن الوصول للناس بلغ مرحلة حساسة وشديدة، والعالم في حاجة شديدة إلى الإسلام؛ لأن التعاسة للغالب والمغلوب، والمنتصر والمهزوم، والغني والفقير بسبب البعد عن الإسلام، فالحضارة الغربية أو الشرقية أفلست، وفشلت في إسعاد العالم.
- الصورة المشوهة للمسلمين عائق خطير لابد مِن إزالته ليصل النور والحياة للعالم؛ وهذه الصورة المشوهة جزء منها بسبب الأعداء وسخريتهم واستهزائهم، وهؤلاء نقابلهم بقوله -تعالى-: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) (آل عمران:120)، وجزء آخر من الصورة المشوهة بسبب المسلمين أنفسهم؛ لغياب الشخصية المسلمة الحقيقية التي تعيش وتحيا بالقرآن، ومعالم هذه الشخصية المسلمة هي القيام بمعني الإسلام والإيمان والإحسان، فلابد أن نقدمها لأسرتنا ولمجتمعنا وللعالم كله.
يُعد ما سبق مدخلاً ننتقل منه إلى المسائل الأساسية:
- إفراد الله بأنواع العبادات كلها، ومن أعظمها: الدعاء، والاستعانة، والذبح، والنذر، والتحذير من الشرك بصرف العبادة لغير الله (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) (الأحقاف:5).
- (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) (الإسراء:56).
- (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (فاطر:13).
- التحذير من الغلو في الصالحين، وعبادة القبور والتمسح بها، واتخاذ القبور مساجد (الآيات والأحاديث من كتاب التوحيد).
- عبادات القلب أساس الإيمان والإحسان، ومنها: "الحب": (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) (البقرة:165).
- الخوف: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (البقرة:40)، (فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:175).
- الرجاء: (أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:218).
- التوكل: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة:23).
- الشكر: (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:152).
- الصبر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200).
- الرضا: (ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً) (رواه مسلم).
- المراقبة...
وأساس ذلك مشاهدة آثار الأسماء والصفات.
- إثبات علو الله على عرشه: (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) (النحل:50).
- الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران:118)، وما أظهرته تصريحات قادة الغرب السياسيين والدينيين من عداوةٍ للإسلام واستهزاءٍ بالرسول -صلى الله عليه وسلم- والقرآن، والتذكير بالحروب الصليبية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).
- متابعة الكفار وطاعتهم، ومعاونتهم في حرب الإسلام والمسلمين مِن أعظم المخاطر.
- ما يفعله اليهود في فلسطين، والأمريكان في العراق وأفغانستان أوضح دليل على شدة العداوة، فهم اليهود والذين أشركوا.
- حب أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فرض على كل مؤمن ومؤمنة: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ) (الحشر:10).
- تحكيم شرع الله أساس مِن أسس التوحيد، وأعظم سبب لقوة الأمة: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65).
- وجوب إقامة الصلوات الخمس، وأهمية صلاة الجماعة ووجوبها على الرجال، والمحافظة على أوقاتها.
- أهمية الزكاة ووجوب حسابها، وإخراجها في موعدها، ومصارفها، وزكاة عروض التجارة.
- وجوب الحجاب وغض البصر، والنهي عن الاختلاط المحرم، وحجاب الموضة المتبرج.
- التحذير من الأغاني والموسيقى، والصور العارية في السينما والقنوات الفضائية والتليفزيون.
- التحذير من الربا والقمار، والمخدرات، والرشوة، والغش، وسرقة أموال المسلمين العامة والخاصة.
- وجوب بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران.
- الاهتمام بتربية الأولاد والبنات والزوجات.
- حسن الخلق والصدق، والأمانة، وعدم الغش والخيانة.
- التعاون على البر والتقوى، والنهي عن التعاون على الإثم والعدوان.
- طلب الحلال وتجنب الحرام في الأعمال والإجارات والبيوع.
- الدعوة إلى الله ووجوب العمل مِن أجل الإسلام محتسبين؛ لأن الأمر ليس نزهة، بل هو عمل شاق يحتاج إلى صبر وتصبر، وبذل وجهد: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد:22).
- التذكير بأهمية السعي لقضاء حوائج الناس على اختلافها بيْن الحوائج المادية والاجتماعية وغيرها: (إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ أَقْوَامٍ نِعِمًا يُقِرُّهَا عِنْدَهُمْ مَا كَانُوا فِي حَوَائِجِ النَّاسِ، مَا لَمْ يَمَلُّوهُمْ، فَإِذَا مَلَّوُهُمْ نَقَلَهَا مِنْ عِنْدَهِمْ إِلَى غَيْرِهِمْ) (رواه الطبراني في الأوسط، وقال الألباني: حسن لغيره).
- الدعاء للمجاهدين والدعاة والمستضعفين مِن المسلمين في كل مكان: في فلسطين، والعراق، والشيشان، وأفغانستان، وفي كل مكان.
- الدعاء بالمأثور من السنة.