الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 11 سبتمبر 2017 - 20 ذو الحجة 1438هـ

دروس مِن وفاة "عبد الله العفاني"... وابتسامة لا تُشترى بكنوز الدنيا!

كتبه/ ياسر عبد رب الرسول

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فـ"لا يستطيع أغنياء العالم أن يشتروا ابتسامته وهو يغسّل، والانشراح الظاهر عليه، ولو بكنوز الدنيا كلها!"، هكذا وصف فضيلة الشيخ د."سيد حسين العفاني" مشهد وفاة شقيقه -رحمه الله-.

الشيخ "عبد الله حسين العفاني" -رحمه الله-، شقيق شيخنا د."سيد" -حفظه الله-، كان مِن كوادر الدعوة الأوائل بمحافظة بني سويف، وكان رجلاً -نحسبه والله حسيبه- تقيًّا خفيًّا، توفاه الله في العشر الأوائل مِن ذي الحجة 1438هـ.

قدَّم مِن خلال حياته نموذجًا في التفاني في العمل الاجتماعي والخدمي، والقيام على الأرامل والمساكين والمحتاجين، ورعاية الكتاتيب وتربية النشء.

خرج آخر مرة مِن بيته لإعانة إحدى الأرامل في تزويج ابنتها، وعندما حان وقت صلاة العصر؛ هرع لأداء الفرض في وقته، لتصيبه الجلطة ويفارق الوعي وهو في التشهد الأخير، يؤم المصلين في المسجد.

نقل إلى المستشفى ومكث أيامًا قليلة.

لم يتقدم الشيخ "عبد الله" -رحمه الله- في مجال العمل الخدمي فقط، بل كان شاعرًا له ديوان مطبوع، ومما اكتشف بعد وفاته تلخيصه لعلم سبع مجلدات في ألف بيتٍ مِن نظمه! لم يكن قد طُبع بعد.

وقد كان مواظبًا -رحمه الله- على نظامٍ، بالاستيقاظ لقيام الليل، ثم إيقاظ المؤذن للفجر، ثم شهود الصبح جماعة، ثم إعطاء درس، ثم المكوث في المسجد حتى الشروق.

وكان -رحمه الله- مثالًا للتواضع في سبيل الدعوة إلى الله، وبناء الكيان الدعوي، فحتى يعلِّم الشباب أهمية العلم، وأنه الأصل الذي تقوم عليه "الدعوة السلفية" كان يجمعهم ويتصل بهم واحدًا واحدًا، ثم يستقدم أحد طلاب العلم المجتهدين ليلقي درسًا منهجيًّا، فيجلس وسط الشباب كأنه أحدهم ممسكًا بالورقة والقلم! رغم أنهم في سن أبنائه؛ ليضرب لهم مثالًا عمليًّا في تفخيم شأن العلم والطلب.

هذا التواضع لم ينفرد به الشيخ "عبد الله" مِن بيْن أسرته، بل إن فضيلة شيخنا د."سيد العفاني" ما برح يردد أن ما تعلمه مِن وفاة أخيه "عبد الله"، أكثر مما علَّمه الناس خلال أربعين سنة مِن مسيرته الدعوية!

لم تعرف بعض أعمال الشيخ "عبد الله" إلا بعد موته، عندما جاء بعضهم مفزوعًا لخبر موته، وهو يقول: "قد قصمتْ ظهري وفاته"؛ لإنفاقه على بيوتٍ لم يكن يتعهدها ولا يعرفها إلا الشيخ "عبد الله".

كان بارًا بأهله، كثير البذل والعطاء، مسارعًا في أعمال الخير، متواضعًا بشوشًا، كثير الذكر، إذا كلمته يلهج لسانه بالذكر وهو يستمع إليك.

نسأل الله له الرحمة والمغفرة والرضوان، وأن يتقبل عمله، ويبارك ذريته مِن بعده، وألا يحرمنا "بركة الأكابر"، والاقتداء بهم والاستفادة منهم، وأن يبصرنا بسرعة انقضاء هذه الدنيا.

فيا لفوز الصابرين!