الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 06 يونيو 2007 - 20 جمادى الأولى 1428هـ

الفتور... أسباب وعلاج (خطبة مقترحة)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

المقدمة:

المسلم يجد في نفسه أحيانًا نشاطـًا، وإقبالاً على ربه، وفي حين آخر يجد في نفسه تهاونـًا وضعفًا، وإهمالاً وتركًا، وفي هذه الحالة الثانية: إما أن يوفق العبد إلى الرجوع إلى سيرته الأولى، وإما أن يَخْلُد إلى الأرض، ولا يؤدي إلا الفرض، وهذا هو الفتور؛ ذلكم المرض الخطير الذي يصيب السالكين إلى الله مِن الدعاة وطلبة العلم، وغيرهم من المؤمنين.

تعريف الفتور:

- قال العلماء: هو سكن بعد حِدَّة، ولين بعد شدة، وضعف بعد قوة.

- وعليه: فمرحلة الفتور مرحلة بين الالتزام والانحراف.

علامات الفتور:

1- التكاسل عن السنن والمستحبات، وفي ذلك تشبه بالمنافقين: (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:54).

2- الشعور بقسوة القلب: وخصوصًا عند سماع القرآن أو تذكر الموت: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) (الحديد:16).

3- عدم الشعور بالمسئولية: ولا يحمل هم الدعوة، ولا انتهاك المحرمات "مَن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".

4- الاهتمام بالدنيا وأمورها: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (الأعلى:16-17).

5- الاستهانة بصغائر الذنوب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إيَّاكمْ ومُحَقَّرَاتِ الذنوبِ، فإنّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ على الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ) (روه أحمد والطبراني، وصححه الألباني).

أسباب الفتور:

أ- عدم الإخلاص في الأعمال والطاعات: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف:110).

ب- ضعف العلم الشرعي: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28).

ج- فتنة الزوجة والأولاد: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) (التغابن:14).

د- مصاحبة أصحاب الهمم الضعيفة: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (الكهف:28).

هـ- العقبات على طريق السالكين: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2).

و- التفرد والشذوذ عن الجماعة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ) (رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني).

علاج الفتور:

1- تجديد الإيمان وتعاهده: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنَ الْقُلُوبِ قَلْبٌ إِلا وَلَهُ سَحَابَةٌ كَسَحَابَةِ الْقَمَرِ، بَيْنَمَا الْقَمَرُ مُضِيءٌ إِذْ عَلَتْ عَلَيْهِ سَحَابَةٌ فَأَظْلَمَ, إِذْ تَجَلَّتْ عَنْهُ فَأَضَاءَ) (رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني).

2- مراقبة الله والمحاسبة الدائمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18).

3- طلب العلم والانتظام في مجالس الذكر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهُ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) (رواه مسلم).

4- لزوم الجماعة والعمل لدين الله: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104).

بالإضافة إلى التنبيه على ما جاء ذكره في أسباب الفتور من علاج لهذه الأسباب.