حول الشحناء التي تمنع المغفرة في ليلة النصف مِن شعبان
السؤال:
وردتْ أحاديث في فضل ليلة النصف مِن شعبان، وأن الله يغفر فيها لكل الناس إلا الكفار والمتشاحنين، أرجو بيان درجة صحتها مِن ضعفها، وهي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ) (رواه ابن ماجه وابن حبان وابن أبي عاصم، وحسنه الألباني)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبانَ اطَّلَعَ الله إِلَى خَلْقِهِ فَيَغْفِرُ لِلْمُؤمِنِينَ ويُمْلِي لِلْكافِرِينَ ويَدَعُ أهْلَ الحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ) (رواه البيهقي، وحسنه الألباني)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ينزل ربنا -تبار وَتَعَالَى- إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لأَهْلِ الأَرْضِ إِلا مُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ) (رواه أحمد وابن أبي عاصم في السنة، وصححه الألباني). ولي حول هذه الأحاديث تساؤلات، وهي:
1- هل هذا التشاحن الذي يمنع المغفرة ينطبق على مَن يعامِل بعض الناس ظاهرًا لأجل الله بمعاملة الإسلام، لكنه في قلبه يبغضهم ولا يحبهم ويود البعد عنهم؟
2- هل مِن التشاحن الذي يمنع مِن المغفرة معاملة الآخرين بمثل معاملتهم؟ فمثلاً هناك مَن يتجاهلون غيرهم ولا يبالون بهم، فأتصل عليهم مراتٍ كثيرة فلا يهتمون ولا يعتذرون مع اعترافهم على أنفسهم بالتقصير في حقوق الناس، فهل عندما أتجاهلهم كما يتجاهلوني يمنع هذا مِن المغفرة في النصف مِن شعبان؟
3- وكذلك هل ترك محادثة مَن لا يستريح معه الإنسان والإعراض عنهم وعدم كلامهم دون خصام، بمعنى أذا حكمت الأمور واجتمعتُ بهم أكلمهم؛ وإلا فلا، سواء كانوا مِن الأقارب أو غيرهم، هل هذا يمنع مِن المغفرة في ليلة النصف مِن شعبان؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فإذا كان يبغضهم لدنيا مِن مال أو منصب أو نحوها مِن رغبات الدنيا كانت هذه البغضاء ضمن التشاحن المذموم، وإن كان يبغضهم لمعاصيهم وبدعهم وفسقهم؛ فهو بغض لله -سبحانه-، ومع كونه يحسِن معاملتهم لله -سبحانه- عسى أن يعودوا للحق؛ فهذا ليس مِن الشحناء المذمومة.
2- قال الله -تعالى-: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ) (متفق عليه)؛ فلو قاطعتَ مَن قاطعك فما فضلك عليه.
3- لا شك أن الدرجات متفاوتة: فإن أختك وأخاك، وقريبك الذي يلي ذاك، وجيرانك في سكنك؛ لا ينبغي أبدًا أن تعاملهم بالإعراض، بل ذلك نوع مِن المقاطعة، أما البعيد فيكفي أن يكون حين اللقاء.