كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
كثيرة هي الألفاظ التي يضعونها في غير موضعها، ويفهمونها على غير وجهها، وهذه سلسلة لتصحيح بعض هذه الألفاظ.
ولتكن البداية مع لفظ الحب.
إن أول ما يتبادر إلى ذهن السامع إذا سمع كلمة الحب، هي العلاقة بين الرجل والمرأة، بل والمحرَّم من ذلك مما يسمونه من صداقة بريئة ـوليست ببريئةـ بين الفتى والفتاة إلى ما هو أطم من ذلك من الفحش والفجور.
والواقع أن كلمة "حب" من الكلمات الواسعة المدلول باتساع المحبوبات، وليس المحبوب الوحيد في الوجود هو الجنس الآخر ولكن ثمة محبوبات أخرى.
فأعظم من يُحَب هو الله -تبارك وتعالى- الخالق الرازق المدبر السميع القريب المجيب، الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى، قال -تعالى-: (والَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُ حُبَّاً لِلَّه)(البقرة:165).
وحب من يحبهم الله -عز وجل- من الملائكة والأنبياء والصالحين؛ هو أحد فروع محبة الله -عز وجل-، كما قال ـصلى الله عليه وسلم-: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)(رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني)، واتباع النبي ـصلى الله عليه وسلم- أحد أهم أدلة صدق محبة الله -تعالى- (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ)(آل عمران:31).
ويأتي بعد ذلك محبة حظوظ النفس من محبة الطعام والشراب والزينة والجنس الآخر، وكل محبة من هذا النوع كانت في حلال فهي مباحة، وإن أعانت على الطاعة فهي طاعة، وكل محبة من هذا النوع كانت في حرام فهي محرمة، وإن أدت إلى معصية فهي معصية، والشقاء -كل الشقاء- لمن كانت هذه المحبة المحرمة سبباً في كفره، كمن يستجيب لدعاة التنصير مثلاً أو غيرهم من أجل ما يوفرونه له من الشهوات المحرمة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا) رواه مسلم.