السؤال:
شيخنا الكريم بارك الله في سعيكم، هل عند فضيلتكم بعض التساؤلات الهامة، وهي:
1- هل لابد أن يكون خليفة المسلمين من قريش؟ وما حكم الخلافة العثمانية؟
2- ينتشر بين بعضهم الآن القول بأن الفريق "السيسي" حاكم متغلب، وله حق السمع والطاعة، فهل هذا صحيح؟ وإذا لم يكن... فنريد توضيح هذا الأمر بشكل واضح.
3- لي صديق يقول: إنه يريد الخروج في المظاهرات بنية رفع الظلم وقول الحق ضد السلطان الجائر، فهل إذا قتل لقي الله بهذه النية أم لا؟ وإذا كانت هذه النية غير صحيحة فما هي النية التي يخرج بها للمظاهرات مع الإخوان ضد الظلم القائم الآن؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فالواجب أن يكون الخليفة من قريش؛ للحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ) (متفق عليه)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، لكن قد يتغلب أحدٌ من غيرهم يكون قائمًا بالدين، ويسوس الدنيا بالدين "مع وجود الشوكة" فتثبت له الولاية رغم فقده شرط القرشية "كالعثمانيين"، كما أن شرط العدالة هو الأصل، ولكن قد يتغلب فاسق؛ فإذا كان مقيمًا للدين ويسوس الدنيا بالدين ثبتت ولايته للمصلحة الراجحة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا) (رواه مسلم)، وفي رواية: (وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني)؛ فرغم أن الحرية والقرشية شرطان إلا أن العبد الحبشي إذا قاد بكتاب الله سُمِع له وأطيع.
2- ثبوت الولاية شرعًا أمر آخر غير توصيف الواقع، فلابد من وجود ما ذكرنا من مقصد الإمامة لثبوتها شرعًا، وإذا لم يوجد هذا الوصف وهو: (يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ)، وهذا الذي ذكرنا من إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين مع وجود الشوكة - لم تثبت الإمامة.
وأما وصف الأمر الواقع بأنه متغلب بالشوكة؛ فهذا لا شك في وجوده، وأما حق السمع والطاعة؛ فهو لمن ثبتت إمامته شرعًا، ومَن لم تثبت إمامته شرعًا "وكان متغلبًا" فالتعاون معه على البر والتقوى، ومصلحة البلاد والعباد، والإجابة إلى الحق "هو المشروع".
3- قل له: ليقُل كلمة الحق دون أن يعرِّض نفسه وإخوانه وبلده لضياع الأرواح والأعراض والأموال؛ ألا يكفيه أن يكون كالإمام "أحمد" -رحمه الله-؟!
هل كان الإمام "أحمد" يجمع العامة ويدخل بهم على قصور الحكام وأماكنهم؟! أم اكتفى بقول الحق في المجالس العامة والخاصة دون أن يعرِّض البلاد للخطر؟
وهل ما يحدث من مظاهرات تقلل الظلم وترفعه أم تزيده؟! وهل تمنع من سفك الدماء أم تزيدها؟!
فليفكر في الواقع وسيعرف.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.