مقولة: "لا تحدثني عن الدين، ولكن دعني أرى الدين في معاملاتك وأخلاقك"
السؤال:
لما انصهر في تلك الفترة المنقضية الشباب الملتزم بهذا المجتمع المفتوح، وظهر مِن بعضهم بعض السلوكيات المرفوضة شرعًا؛ نظرًا لكونهم بشر يُخطئون ويصيبون. ولما تتابعت الأحداث السياسية وشوَّه الإعلام صورة الإسلاميين بشكل فج وبذيء؛ انتشرت مقولة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله الهلاك، ألا وهي: "لا تحدثني عن الدين، ولكن دعني أرى الدين في سلوكك ومعاملاتك وأخلاقك".
وأصبحت هذه المقولة تُطبع وتلصق على مكاتب الشركات وبين الموظفين، وهي نوع من الصد عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجج واهية لا أساس لها، وكأنهم يطالبون كل من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويدعون الناس للخير والصلاة والزكاة بأن يكونوا ملائكة لا يعرفون الخطأ، ويرفضون كل الدين بهذه الحجة الواهية!
فكيف نرد على هذه المقولة ردًا علميًّا رصينًا مؤصلاً؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلا نشك في أن الدعوة بالخلق والسلوك مِن أعظم صور الدعوة تأثيرًا، لكن المنكر في العبارة هو قولهم: "لا تحدثني عن الدين... !"؛ فهي مصادمة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً) (رواه البخاري)، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) (رواه مسلم). وهؤلاء يريدون منع التغيير باللسان.
وتصادم قوله -تعالى-: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78-79). وهؤلاء يريدون ترك المنكرات بزعم أننا ندعو بأخلاقنا ومعاملاتنا.
راجع كتابي: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وستجد فيه ردودًا كافية؛ لعموم الأدلة، والإجماع على عدم اشتراط العصمة.