السؤال:
لماذا أفتيتم فضيلتكم بحرمة التصويت للتحالف الديمقراطي، ومنعتم من ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فأنا اخترتُ ألفاظًا يُفهم منها النصيحة بعدم ذلك، وما ذكرتُ إثمًا أو تحريمًا، والفتوى موجودة، وهذا نصها:
التحالف مع الليبراليين والعلمانيين
السؤال:
هل يجوز لنا كسلفيين التصويت للتحالف الديمقراطي بقيادة الإخوان المسلمين علمًا أن هذا التحالف به أكثر من تسعة أحزاب ليبرالية، وعلمانية، واشتراكية؟! وهل هذا من جنس حلف الفضول؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فيلزمكَ أن تختار مَن ينصر الدين ويحافظ على الشريعة، والتحالف مع الليبراليين والعلمانيين الذين لا يتبنون قضية تطبيق شرع الله ليس مِن جنس "حلف الفضول" الذي كان على نصرة المظلوم، وإحقاق الحق، ونحو ذلك، وإنما هو تحالف على تقسيم (الكعكة) في البرلمان.
ونحن لا نرى صحة ذلك؛ ولذا لم نختر الدخول في هذا التحالف، وإنما نقبل التحالف بين الإسلاميين ذوي المرجعيات السلفية؛ فلا أرى لكَ إلا اختيار قائمة التحالف الإسلامي تحت قائمة "حزب النور" انتهى.
وأنا قلتُ -وما زلتُ أقول-: إذا كان على رأس قائمة من القوائم علماني أو ليبرالي يكره الشريعة أو لا يريدها؛ فمِن غِش الأمة أن تصوِّت لهذه القائمة، وأن تُدخل مثل هذا إلى البرلمان الذي يسن التشريعات ويضع الدستور.
ونحن ما زلنا في خطر تعرض المادة الثانية لأنواع من التعديلات؛ لأنهم يريدون وضع كلمة "مبادئ عليا"، ويريدون أن يجعلوا المادة الأولى: تنص على مدنية الدولة، والمادة الثانية: تثبت تحاكم أهل الكتاب إلى شرائعهم -مع أن هذا الأمر مقرر ضمن الشريعة أنهم إذا لم يتحاكموا إلينا يُتركون وشأنهم في أحوالهم الشخصية-، وهذا الأمر يضعف مِن قوة المادة الثانية.
ولا مانع عندنا في أحوالهم الشخصية أن يتحاكموا إلى بعضهم بعضًا، لكن فيما لا يخالف الشريعة في مسائل مشتركة؛ لأن من ضمن مسائل الأحوال الشخصية: زواج المسلم مِن الكتابية، ومسألة استمرار زواج مسلمة أسلمت وكانت نصرانية أو يهودية متزوجة من كتابي، فإن يقرر بنفس درجة المرجعية شرائع أخرى؛ سيكون ذلك بابًا للنزاعات القانونية والدستورية.
ونحن نريد أن نقرر: "أن الشريعة الإسلامية مهيمنة على كل ما يخالفها"، ومِن أمثلة ذلك: حضانة أُم غير مسلمة لأطفالها المسلمين بإسلام أبيهم. ومسألة التبني، وإمكانية أن يتبنى غير مسلم طفلاً مسلمًا وينسبه لنفسه؛ لأن شريعته لا تحرِّم ذلك.
والليبراليون قد انكمشوا، حتى الكتلة المصرية، بل والوفد -وهم بالتأكيد أصل الليبرالية؛ فهم الذين وضعوا دستور 23 والذي ليس فيه ذكر للشريعة نهائيًّا-، تراجعوا عن المطالبة بتغيير المادة الثانية بألفاظها الموجودة، لكنهم يريدون تفسير ذلك بأنه فقط المبادئ الكلية: "الحرية - العدالة – المساواة - ونحوها.. ".
وهذه عندهم هي مبادئ الشريعة وقد قالها بعضهم، بل قالها بعض مَن يُسمون أنفسهم بالإسلاميين السياسيين، وينتسبون إلى العمل الإسلامي من بعيد جدًّا ممن يكتفي بالنكهة الإسلامية، فهناك مَن يكتفي مِن الإسلام بذلك!
ومنهم مَن يقول: يكفينا الحضارة، وليس الشريعة ولا مبادئ الشريعة! بل أدنى من ذلك في خطابات متدنية، وهذا خطر لا ينبغي أن نغفل عنه، وهذه المعركة قائمة بسبب هذا الأمر، ونحن نؤثـِّر بوجودنا على الإسلاميين فضلاً عن العلمانيين والليبراليين، فكيف تلومني على أنني أقول: إن التصويت لهؤلاء غش للأمة وعدم نصح للدين؟!
فهذا الذي قلته وأقوله وأؤكده، وأخشى عليه أن يكون يوم القيامة مسئولاً عن غش الأمة، والذين وضعوا هؤلاء على رأس القوائم خدعوا مَن تبعهم بأنهم إنما فعلوا مثل "حلف الفضول"!
و"حلف الفضول" إنما كان على نصرة المظلوم لا على تقديم مَن يحارب شرع الله، ويحاول إبعاد الشريعة عن أن تكون حاكمة، وإنما هذا التحالف؛ لتقسيم الكعكة لا لنصرة المظلوم، وإكرام الضعيف، ونحو ذلك.
والمشايخ الذين يصححون مثل هذه التحالفات بناء على حلف الفضول قالوا كلامًا باطلاً غفر الله لهم وهداهم إلى أن يروا الحقائق على ما هي عليه؛ لأن هذا الكلام فيه نكارة فظيعة أن يجعل التحالف على أن يبقى كل واحد على اعتقاده ورغبته وعمله المتضمن لمخالفة الشريعة مِن جنس حلف الفضول! وكان ينبغي أن ينصر التحالف القائم على مرجعية الشريعة؛ هذا التحالف الإسلامي القائم بين الاتجاهات السلفية، وليس لأجل الخبرة المدعاة.
وعلى أي الأحوال ما ذكرتُه هو الذي أراه صوابًا في ذلك؛ أنصح فيه الأمة، وأنصح فيه إخواني.