السؤال:
هل الانضمام إلى حزب النور من التحزب المذموم المنهي عنه أم هو مباح؟ مع شرح دليل الإباحة. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالانضمام للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية خاصة التي ينتمي القائمون عليها للمنهج السلفي بغرض السعي إلى إقامة الدين، وما يمكن مِن الواجبات الشرعية، والمحافظة على الهوية الإسلامية للأمة؛ هو مِن التعاون على البر والتقوى، وإنما التحزب المذموم هو الإعانة على الجاهلية وإقامة دعواها، وإنما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التناصر والتعاضد على الباطل، والتقليد الأعمى المذموم فقال: (مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟!.. دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ) (متفق عليه).
والمجال السياسي أحد مجالات الدعوة إلى الإسلام إن لم يكن في واقعنا الآن مِن أهمها وأخطرها على الإطلاق، فالعمل الإسلامي في المجال السياسي غيظ الأعداء، وخطر داهم على مشروعاتهم العلمانية والليبرالية.
ووجود "عمل سياسي ذو مرجعية سلفية"؛ هو سبب لتصحيح مسار باقي الاتجاهات والأحزاب الإسلامية التي تبادر إلى تقديم تنازلات للمنافقين، فحين يوجد ضغط سلفي قوي بانضمام عدد كبير من الناس للأحزاب ذات المرجعية السلفية -وقد تأسس بحمد الله حزب النور وظهر إلى النور- سوف يتوقف سلم التنازلات.
وقد رأينا أثر ذلك واضحًا في قضية "مرجعية الشريعة".. كيف تراجع عن المطالبة بتعديل المادة الثانية أو إلغائها كل من كان ينادي بذلك من العلمانيين، بل حتى الكافرين المعلنين بكفرهم؟! بعد حملة المحافظة على هوية الأمة، وعدم المساس بالمادة الثانية التي قامت بها الدعوة السلفية رغم الأصوات المعارضة حتى مِن الإسلاميين، بل حتى مِن بعض السلفيين؛ بزعم أنها لا توجد مطالبة للتعديل!
فمع وجود العمل السياسي المنظم -ولا يمكن ذلك إلا من خلال الأحزاب الرسمية- سيكون الضغط أكبر والتأثير -إن شاء الله- أقوى، ونحن مقبلون على معركة أكبر في موضوع كتابة الدستور الجديد؛ فكيف يمكن أن نغيب عنه؟!
وحين قلنا: إن الدعاة إلى الله لن يكونوا حزبًا، ولن تتحول الدعوة إلى حزب قصدنا عدم ترك الدعاة لأمر الدعوة والتربية -الذي هو الأصل- والانشغال بالعمل السياسي، ولكن تتقدم إليه طائفة قادرة على توصيل الحق للناس في هذا المجال فهو من باب تقسيم الأعمال، ولا يتصور أن يعرض جميع طلاب العلم والدعاة عن العمل السياسي؛ فيتصدر مَن لا يفهم ولا يحسن عرض المشروع الإسلامي في الجانب السياسي، بل يكفي أن يتفرغ الدعاة الكبار للدعوة ويشارك في الحزب باقي أفراد الدعوة ويقوموا بحسن توجيه السياسيين حتى لا يحصل الفصل المريب بين الدين والدعوة مِن جانب، والسياسة من جانب آخر.
فتقسيم العمل يؤدي إلى تكامله وتعاضده وقوته، وألا يضيع من الخير شيء يمكن تحقيقه، كما أن الحزب في حاجة ماسة إلى اشتراكات أعضائه؛ لأنه كما علمت ليس له أي مصادر لتمويل مشروعاته إلا اشتراكات الأعضاء.
فأنا أنصح الإخوة بالانضمام لحزب النور الذي أصبح رسميًا -بحمد الله-، ونحن نهنئ الإخوة القائمين عليه، وعلى رأسهم الأخ الحبيب "د. عماد عبد الغفور"، وبذلك النجاح الذي ندعو الله أن تعقبه نجاحات أكبر. والله المستعان.