الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمع إقبال نسائم الرحمة، وسحائب المغفرة؛ بإقبال شهر رمضان، شهر الخير والبركات، تتجدد للأمة آمال وآلام وأسئلة: كيف تستفيد الأمة من الشهر الكريم؟ وهل من تعارض بين التفرغ للعبادة والسعي في دعوة الآخرين؟ وكيف يمكن استغلال الشهر الكريم في إرساء معالم العقيدة الإسلامية، وغيرها كثير ..
لذا كان لقاؤنا مع فضيلة الشيخ (شريف الهواري) -حفظه الله-
صوت السلف: ما هو الشيء الذي تمنيتموه في رمضان العام السابق ولم يحدث، وتتمنوا أن لو رأيتموه هذا العام؟
شريف الهواري: الشيء الذي كنت أتمناه في رمضان الماضي ولم يتحقق ومازلت أتمناه ولن أنساه هو نصرة الأمة، وعودتها لسابق عهدها وعزها ومجدها في رمضان؛ شهر الانتصارات لهذه الأمة، وفي رمضان جراح... وجراح جديدة والأمة تدخل وتخرج من رمضان كما دخلت، والسبب أن الدخول روتيني تقليدي كعادة، ولو دخلنا هذه المرة دخولاً صحيحًا يليق بمكانة الشهر، وأسلمنا فيه القيادة للقرآن والسنة بفهم سلف الأمة لخرجنا به بتقوى الله التي من أجلها فرض الله علينا الصيام: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)، وهذه كافية لعودة الأمة وارتقائها من الحضيض إلى القمة.
صوت السلف: رمضان هذا العام أطول نهارًا وأقل ليلاً فما هي نصيحتكم للعابدين لحسن استغلال ذلك؟
شريف الهواري: نعم، رمضان هذا العام أطول نهارًا وأقصر ليلاً فأقول لإخواني:
أولاً: اعلموا أن الأجر على قدر المشقة فلا شك أننا نحتاج إلى توظيف الأوقات التوظيف الأمثل، فقه إدارة الوقت يؤدي إلى تعمير أوقات رمضان بالنافع المفيد مع الحرص على النوم بعد القيام مباشرة لإعطاء البدن حقه من الراحة؛ ليكون قادرًا على الأداء الأمثل في النهار، وتجميع الحسنات والله ولي التوفيق.
صوت السلف: ما هي الفرص المتاحة لتقوية أواصر الأخوة بين الإخوة في هذه الأيام؟
شريف الهواري: الحديث عن تقوية أواصر الأخوة حديث مهم وضروري، وأعتقد أنه من الواجبات الوقتية الضرورية لعظيم هذا الأصل في إعداد الأمة وجمع شملها وإعادة الهيبة والقوة لها، وهذا مسئولية الجميع، والدعاة إلى الله -عز وجل-، والإخوة أنفسهم؛ أما الدعاة فببيان أثر وفضل تحقيق الأخوة الإيمانية عن طريق بيان منهج القرآن والسنة في ذلك: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا... ) (آل عمران:103)، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (متفق عليه)، وقال: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) (متفق عليه)، وقال: (الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)، وقال: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (متفق عليه)، وقال: (أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الْمُوَالاةُ فِي اللَّهِ، وَالْمُعَادَاةُ فِي اللَّهِ، وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
وقال: (مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وقال: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ) (متفق عليه)، وقال: (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، (إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي) (رواه مسلم).
- وبيان فضل التزاور الهادف المنظم والهدية: (تهادوا تحابوا) (أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني).
- وبالمشاركات الإيمانية والمناسبات.
- وبالسعي في تفريج الكربات والحاجات.
- الإفطارات الجماعية، وكم لها من أثر عظيم في تأليف القلوب!
- إحسان الظن، وحمل الكلام والتصرفات على المحمل الحسن دائمًا التماسًا للأعذار لهم.
صوت السلف: تواجه عقيدة الولاء والبراء حملات شرسة لإضعافها في نفوس الأمة فما هو دور رمضان في إحياء هذه العقيدة؟
شريف الهواري: لا شك أن دور رمضان عظيم في تذكير الأمة بعقيدة الولاء والبراء، وعرضها وبقوة في ربوع الأمة، فهو دعوة لوحدة الأمة وتمايزها بين الأمم والشعوب، فكما عندنا عقيدة واحدة وشريعة واحدة على الجملة فرمضان مدرسة في هذا الجانب فهو يدعو الأمة جميعًا إلى توحيد الباطن والظاهر؛ أما الباطن: فبتذكير المسلمين بوجوب استحضار نية الصوم من أول رمضان، وفي كل ليلة ثم بالإمساك عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مع دعوة الأمة إلى الإقبال على القرآن والحرص على السنة في الإفطار، والسحور، والقيام، وتفطير الصائمين، والشعور بالآخرين...
لا شك أنها معاني تميز الأمة في أرض الواقع فنجد مثلاً الجميع يغض من بصره، والجميع لا يرد حتى على من أساء إليه إلا بـ "إني صائم... إني صائم"، والجميع يحرص على الصلاة في الجماعة، وعلى قراءة القرآن، والحرص على السنة.
مظاهر كثيرة تعبر عن عقيدة الولاء والبراء، وفي رمضان مدرسة القيام، وفيها نستمع للقرآن كله، ولا شك ستقرع آذان المسلمين آيات الولاء والبراء في هذا الجو الروحاني الإيماني فيكون الأثر المرجو بإذن الله -تعالى-.
صوت السلف: يقتصر بعض الدعاة في هذه الأيام على طرح المعاني الوعظية فهل هذا يكفي مراعاة لكون الشهر شهر عبادة وصوم؟ أم أن الأولى استغلال الشهر في تعليم الناس القضايا الأساسية التي تغيب عنهم؟ ولو كان الأمر كذلك فما هي هذه القضايا؟
شريف الهواري: لاشك أن للوعظ دوره وأهميته في تحريك الأحاسيس والمشاعر، وإحياء القلوب واغتنام مواسم الطاعات؛ حيث يكون الجو مهيأ، والمؤشر الإيماني في ارتفاع، والنفس منكسرة، ومسحة من الحياء تعلو الجميع وخصوصًا في غيبة العدو اللدود الذى يكون مسلسلاً في رمضان كما هو معلوم.
- وفي نظري أن هذا الجو فرصة للدعاة لعرض قضايا الأمة المهمة المصيرية عساها تجد آذانا صاغية، وقلوبًا واعية، ولاشك أن قضايا أمتنا كثيرة، ولكن من حيث الترتيب والأولويات أرى أن نهتم بقضية العقيدة، وتعليمها للناس، وترسيخها في قلوبهم؛ لعظيم أثرها في الثبات في هذا الصراع المرير حيث لا يثبت إلا أصحاب العقيدة الراسخة، وهذا من خلال تعريف الناس على معاني الربوبية والألوهية والأسماء والصفات للحصول على الإجلال والتعظيم، والخوف والخشية، والحياء، والانكسار، وبالتالي الاستسلام، والخضوع والانقياد لله، وللرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن خلال هذا المعنى تظهر معاني الثقة بالله، واليقين في وعده ووعيده، وعظيم قدرته وعزته فيكون التوكل عليه مع الأخذ بالأسباب المتاحة، وترك النتائج على الله -عز وجل-.
- ومن خلال الكلام في العقيدة تبرز عقيدة الولاء والبراء لأهميتها في إعداد الأمة، وجمع شملها ووحدة صفها.
- حتمية تعريف الناس حقيقة الصراع مع الباطل وبيان أساليب الباطل في مواجهة الحق مع طرح صور لمواجهات كثيرة جاءت في القرآن والسنة، وكيف كانت العاقبة، وبهذا نتعرف على عوامل النصر والتمكين، وعلى أسباب الفشل والهزيمة والسقوط.
- كذلك من القضايا المهمة التي تطرح في هذه الأجواء: "الشعور بإخواننا من المسلمين من المعذبين في مواطن وبؤر الصراع مع الباطل، كفلسطين، والعراق، والصين، والسودان، والصومال... الخ".
- الاهتمام بربط المسلمين بربهم عن طريق الدعاء والذكر، وأهمية هذين السلاحين العظيمين في تحصين أنفسنا في هذه الحرب الضروس.
صوت السلف: رمضان شهر خلوة وصيام وتبتل، فهل هناك تعارض بين هذا وبين بذل الجهد في الدعوة إلى الله في رمضان؟
شريف الهواري: أرى أنه لا تعارض بين أن تنقطع للعبادة والتبتل في رمضان وبين أن تؤدي دورك في الدعوة إلى الله -تعالى-، وخصوصًا أننا نحتاج إلى من يعد ويؤدي برامج الدعوة في رمضان فمن سيؤدي هذا الدور إن لم يتحمله الأكفاء من أبناء الدعوة الحريصين على مصلحتها، وأداء دورها.
صوت السلف: يقول البعض: يعاني الناس في رمضان من ضعف وخمول نتيجة للصيام فيقل جهدهم في الأعمال الدنيوية فما هي الحكمة في أن يأتي شهر كامل يؤدي إلي تباطؤ اقتصاد المسلمين وإضعافه؟ أم أن الأمر يمكن النظر له من زوايا أخرى؟
شريف الهواري: القول بأن صيام رمضان يؤدي إلى خمول وكسل، وبالتالي يتأثر الاقتصاد والإنتاج، هو قول سقيم وغير صحيح.
أولاً: الذي افترض صيام رمضان هو الذي خلق الخلق، وهو الذي يعلم ما يصلحهم وما هو أنفع لهم، وهذا يكفي لنعلم أن رمضان أنفع للعباد ولو لم تبدو لنا الحكمة، ومع ذلك فرمضان شهر صيانة للقلوب والنفوس، وإعادة تأهيلها وتهذيبها، وإشعارها بالمسؤولية وأمانة هذا الدين، وحتمية العمل لنصرته؛ فرمضان فرض من أجل تحقيق تقوى الله -عز وجل-: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وحينما ننجح في الخروج بتقوى الله من رمضان أعتقد أن جميع مشاكلنا وقضايانا ستحل، فبتقوى الله العلاج في الدنيا والآخرة.
صوت السلف: القرآن منهج حياة؟ فكيف يمكن للدعاة ترسيخ هذا المعنى في نفوس المقبلين على المساجد في رمضان؟
شريف الهواري: القرآن منهج حياة حقـًا وصدقـًا، لما لا وهو منهج أعده من خلق الخلق ويعلم ما يصلحهم دنيا ودين، فهو كامل متكامل، غني بنفسه مستغني عن غيره، يهدي للتي هي أقوم في كل شيء، في جميع سبل الحياة، وأرى أن المدخل في رمضان سهل وجميل، فالإقبال على القرآن واضح وجلي، ومن الجمع ما بين القراءة والسماع يبقى ترابط بين الصيام والقرآن لتكميل المعاني التربوية عند الناس، فيكفي أن نركز على هذا المعنى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة:185)، وحبذا لو قام متقن بتفسير الآية في كل ليلة بين ركعتين القيام، وخصوصًا الآيات التي تحمل التوجيهات الجامعة والمؤثرة والقوية؛ مع دعوة الناس إلى تعلم آداب الإقبال على القرآن، وهي معلومة في مظانها، مع التأكيد على شمولية الإقبال على القرآن قراءة وحفظـًا، وتدبرًا، وعملاً ودعوة، وتحاكمًا، وتداويًا، وفي كل أيامك ولياليك، وليس في رمضان وحسب.
صوت السلف: ينتقل بعض الإخوة ـومنهم مؤثرون في الدعوةـ بين المساجد طلبا للقارئ حسن الصوت، فما هي رؤيتكم لهذا التصرف؟
شريف الهواري: أنصح هؤلاء الإخوة الذين ينتقلون بين المساجد بحثـًا عن حسن الصوت أن يكون هذا الأمر قبل رمضان؛ لأن الاستقرار في مكان واحد، والمواظبة على رتم واحد، وطريقة واحدة أعظم أثرًا للتدبر والاستفادة.
صوت السلف: ماذا يمثل رمضان للأقليات الإسلامية في الخارج؟ وكيف يؤثر في حياتهم وفي تعاملاتهم مع غير المسلمين؟
شريف الهواري: لا شك أن رمضان يمثل للأقليات الإسلامية في الخارج فرصة عظيمة للالتقاء، والإتحاد والاجتماع، وإظهار شعائر هذا الدين؛ فرمضان ولا شك دعوة صامتة لغير المسلمين، ولا شك أن الأثر عظيم في المحيطين من هؤلاء.
صوت السلف: نصيحة توجهونها في رمضان لـ "طلبة العلم، الشباب، النساء، التجار، الآباء وأولياء الأمور".
شريف الهواري:
نصيحتي لطلبة العلم: رمضان فرصة للتطبيق العملي لما تعلمتموه، وتفرغوا لإشباع جانب الروح؛ فالنفس تحتاج إلى هذا الجانب، فالجو تغلب عليه الروحانية، والمؤشر الإيماني في ارتفاع، والنفس في انكسار؛ فاغتنموا هذه الفرصة، ولا بأس أن تعملوا بتذكير الناس ووعظهم في رمضان، والعلم يزكو بالفقه، واحذروا الجدال العقيم في رمضان، ومجالس النقد والجرح والقدح التي انتشرت مع -وللأسف الشديد بين طلبة العلم- هذه الأيام.
- وأما الشباب فأقول لهم: أنتم مستهدفون، ومحاربون من شياطين الإنس والجن، وإن كانت الشياطين مسلسلة فأعوان الشياطين أتوا لأن يعدوا العدة لإغوائكم، وصرفكم عن مدرسة رمضان بشتى الطرق والأساليب؛ فاحذروا: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا) (النساء:27)، فاحرصوا على الصحبة الطيبة، وتوظيف الأوقات توظيفـًا صحيحًا.
- أما النساء: فلا شك أنهن مستهدفات، ويقع عليهن عبء كبير في رمضان من إعداد الطعام والشراب، والإعلام أعد لهن كم رهيب من المسلسلات، والبرامج الملهية والقاتلة للوقت، وتكمن الخطورة في جهل بعضهن بأحكام وآداب الصيام، وبخطورة الإعلام، فنصيحتي للأخوات المسلمات: أن يتقين الله -عز وجل-، ويغتنمن مسحة الحياء الموجودة في رمضان، وأن يشعرن بالخطر والمسؤولية، ويحرصن على توظيف الأوقات توظيفـًا صحيحًا؛ حتى يستطعن الاستفادة من مدرسة رمضان.
- وأما التجار: فأقول لهم: احذروا أن تجعلوا رمضان موسمًا تجاريًا وحسب؛ لتربحوا في الدنيا، واعلموا أن الجمع بين الأمرين سهل وميسور، ولا تنسوا أنه موسم الإنفاق والبذل والتوسعة على الآخرين، وكان -صلى الله عليه وسلم- أجود ما يكون في رمضان.
- أما أولياء الأمور: فأقول لهم: أنتم مؤتمنون على بيوتكم وأزواجكم وأبنائكم، وستقفون بين يدي الله -عز وجل-، وتسألون عن رعيتكم حفظتم أم ضيعتم، واعلموا أن بيوتكم وأبناءكم ليسوا ملكًا لكم وحدكم، فهما من ثروات الأمة فاحذروا الخيانة والتفريط في التربية والتأهيل والإعداد، ولا تكونوا غاشين لهم، وهذا بتضييع فرصة مدرسة رمضان، فهذه أعظم فرصة للتأهيل والتربية، فاعقدوا اجتماع طارئ مهم، وضعوا خطة عمل لاغتنام رمضان ليله ونهاره، وهذا لأنهم كما قلنا محاربون ومستهدفون، وعليكم بالدعاء والتضرع؛ لحفظهم وهدايتهم، مع مراجعة أهل العلم والتربية في معرفة فن قيادة البيت.
صوت السلف: يزداد الزخم الإعلامي في رمضان بكل وسائله الملهية والمفسدة فكيف يمكن للدعاة مواجهة هذه الحملة بإمكانياتهم المحدودة؟
شريف الهواري: لا شك أن الزخم الإعلامي كبير وخطير، ومنتشر في كل مكان مع إمكانيات وإغراءات عالية: فضائيات، وشبكة عنكبوتية، وجرائد ومجلات، وإذاعات، مع عمل النوادي والساحات، لكن هذا ليس مبررًا للهزيمة النفسية، والشعور بالعجز لضعف الإمكانيات المتاحة للدعاة!
بالعكس: إن الساحة المتاحة للدعاة -بفضل الله- لو اغتنمت كما ينبغي والله لكانت كافية لتدمير ما يبث هؤلاء ليلاً ونهارًا، فعندك في رمضان إقبالة غير مسبوقة على المساجد في الأوقات الخمسة، والجمعة، ويأتيك حتى المقصرين، فلو نجحنا في إعداد برنامج مكثف لجميع الصلوات، ونجحنا في اختيار الموضوعات الهادفة لكان نجاحًا كبيرًا في هذا المواسم الكبير.
صوت السلف: لا يأتي رمضان إلا والمسلمين يعانون من نكبة أو جرح هنا أو هناك فما هو واجبنا تجاه إخواننا لا سيما في هذه الأيام المباركة؟
شريف الهواري: واجبنا تجاه جراحات المسلمين في كل مكان أن نشعر بآلامهم، ونحزن لحزنهم، ونشعر بما يعانون، ونجتهد في تقديم يد المساعدة بكل ما نستطيعه، وفي وسعنا وأقله الدعاء والتضرع في هذه الأيام المباركات والتي يستجاب فيها الدعاء عند الفطر، وفي الثلث الأخير من الليل؛ اجعلوها دعوات المكروب المضطر الذي ضاقت به الحيل، وعجز عن الأسباب، ولم يبقَ إلا التوجه إلى مسبب الأسباب.
وفي الختام: ندعو الله -عز وجل- أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يذل الشرك والمشركين، وأن يمكن لدينه في الأرض، وأن يفتح له قلوب العباد.
اللهم اجمع شملنا، وأصلح ذات بيننا. وجـزاكـم الله خــيـرا.