السؤال:
شيخنا الجليل: يوجد كثير مِن طلبة العلم ممن يتلقون العلم عنكم لا يتقبلون أي أحد مِن الإخوة ممن هم ليسوا يطلبون العلم على أيديكم، ولكنهم يطلبونه على يد مشايخ مِن أهل السُّنة آخرين في بلادهم؛ وذلك لتعذر الوصول إليكم، وهؤلاء الإخوة لا يتقبلونهم تمامًا ويعتبرونهم ليسوا على خير، ويتعصبون إلى مشايخهم وفقط، وكأن مَن لم يتعلم على أيدي مشايخهم فليس مِن طلبة العلم ولا يقبل منه، بل ويتجنبونهم في أحوال كثيرة، والسؤال: هل هذا مِن منهجنا؟! نرجو توجيه نصيحة لنا ولهم، بورك فيكم وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالتعصب الأعمى للشيوخ -وكذلك ضد بعضهم- مذموم، وهو مرض لا بد مِن علاجه بتحذير طلاب العلم منه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ) (رواه مسلم)، وقال: (مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟!) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ) (رواه مسلم).
وأنا أحذر جميع إخواني في الله مِن هذه العصبية، وكل مَن يتعلم على شيوخ أهل السُّنة، ويعتقد عقيدتهم الصحيحة، ويسلك سبيلهم في العلم، والعمل، والسلوك والخلق، والدعوة فهو منا ونحن منه، ولا يجوز لأحدٍ أن يكون ميزانه أن فلانـًا لا يقرأ للشيخ الفلاني، أو لا يحضر له؛ فلا يواليه! وكذلك لا يجوز أن يكون ميزانه أن فلانـًا يقرأ لفلان أو يحضر له فيعاديه؛ فكل هذا مِن الظلم والعدوان، والواجب الولاء على الكتاب والسُّنة وبغض أهل الكفر، ثم أهل البدع إذا ثبتت بدعتهم، وليس بمجرد الدعاوى كما يقع مِن الكثيرين، ويتناقلون التهم بالباطل بأن فلانـًا مِن الخوارج، وفلانـًا مِن المرجئة بلا بينات.
فاتقوا الله يا شباب المسلمين، ويا طلاب العلم في أنفسكم وإخوانكم، وكلما قلَّ العلم زاد التعصب المذموم والتقليد الأعمى، وكلما زاد العلم النافع قلَّ التعصب والتقليد؛ فالعبرة بوجود الإسلام والإيمان والإحسان؛ فهذا هو الدين الذي بُعث به محمد -صلى الله عليه وسلم-، فمن كان كذلك فهو ولينا وإن كان في أبعد البلاد، بل وإن كان في غير زماننا؛ فضلاً عن أن يكون ممن لم يقرأ أو يحضر لنا أو لمشايخنا؛ فالحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، ودعوا العصبية البغيضة للشيوخ أو ضدهم؛ فإنها منتنة.