الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 22 يناير 2025 - 22 رجب 1446هـ

حرائق أمريكا

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- جفاف وحرائق وتدمير، فرار ونزوح وإجلاء، نهب وسرقة وسطو، انقطاع للخدمات؛ فلا كهرباء ولا مياه، ولا خدمات أساسية، فقد للممتلكات، وهرولة في الطرقات لا يلوون على شيء!

- هنا ليست غزة، هنا ليست جباليا، هنا ليست بيت لاهيا، ولا بيت حانون، ولا المواصي، ولا رفح، ولا مستشفى المعمداني... هنا لوس أنجلوس، ووأماكن المترفين في كاليفورنيا.

هنا حيث يعيش أثرياء أمريكا، ونجوم هوليود، هنا حيث الرفاهية والحياة الرغدة، هنا حيث البيوت التي تقدَّر بعشرات الملايين من الدولارات!

- قال عمدة لوس أنجلوس: وكأننا قصفنا بالقنبلة الذرية!

- وقال بايدن: إني أرى ساحة حرب حقيقية!

- وقال نجوم هوليود: لم يرحل بيتنا فحسب، بل رحل حينا بالكامل!

- وتقول التقارير الأولية: إن حجم الخسائر تجاوزت 150 مليار دولار، والتهمت الحرائق عشرات الآلاف من الأفدنة؛ مِن: الغابات، والبيوت، والمتاجر، والممتلكات، وتوقفت الخدمات... إنه أكبر حريق في تاريخ كاليفورنيا!

- لم تستخدم الرصاصات، ولا القنابل الذكية، ولم يرسل أحد حاملات الطائرات، ولا قاذفات بي 52 العملاقة التي تحمل أطنان القنابل، ولا طائرات إف 35 الشبحية المرعبة.. إنها رياح فقط، وربما دعوات المظلومين بغزة الذين قُصِفت بيوتهم، ومحيت مدينتهم، وحملوا أشلاء أبنائهم بين أيديهم، صرخوا حتى بح صوتهم، والعالم المتمدن الذي لا يزال يبحث عن حقوق -زعموا!- الشواذ والملحدين لم يجب تلك الصرخات، ولم يلتفت لها! بل أمَدَّ الكيان المغتصِب بكل أنواع القذائف التي أنهت حياة 50 ألف إنسان بين شيخ وامرأة وطفل؛ هذا ما تم إحصاؤه غير مَن وارتهم الأنقاض ولم تصل لهم يدٌ لتجمع أشلاءهم، أو تُرِكوا في العراء تنهشهم سباع الأرض.

- لم تمد أمريكا الكيان الصهيوني بآلاف الأطنان من القنابل فقط، ولا بشرعنة المجازر التي ارتكبتها في حق الفلسطينيين، ولكن منعت حتى أن يصدر قرار إدانة من مجلس الأمن لتلك الأهوال التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حقِّ الشعب الفلسطيني.

- هنا رد على تعالي الرئيس الأمريكي الذي لم يأتِ بعد، والذي توعَّد الشرق الأوسط بالجحيم إذا لم يخرج بعض الأسرى، فكان الرد ممَّن يملك الجحيم الحقيقي؛ أن يريهم الله -سبحانه وتعالى- جزءًا من جحيم الدنيا أمام أعينهم؛ لعلهم يدركوا حجم إجرامهم في غزة، ومغبة دعم مجرمي الحرب حسب حكم المحكمة الجنائية الدولية.

- إن في الحرائق الهائلة وغير المسبوقة، والتي أتت في فصل الشتاء على غير موعدها، ووقوف أمريكا بكل أجهزتها وإمكانياتها عاجزة حتى عن إيقافها؛ لرسالة لكلِّ مسلم: أن الأمر بيد الله، وأن الله لا يعجزه شيء، وأنه إذا قال للشيء كن فيكون، وأنه يختبر المؤمنين في الدنيا ليرى من يخشاه بالغيب ويتخذ من المؤمنين شهداء، وليستخرج من قلوب المؤمنين أنواعًا من العبادات لا تخرج إلا بالابتلاءات مِن الصبر والرضا، وأنه يبتلي الكافر في الدنيا لعله يرجع عن غيه وظلمه، وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته؛ قال الله -تعالى-: (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(آل عمران:56).