هل الروافض كفار؟ (من تراث الدعوة)
السؤال:
قرأتُ مقالًا للشيخ ياسر على موقعكم بعنوان: "تعليق على أحداث لبنان وفلسطين" بَنَى فيه موقفه على عدم كفر الروافض. وقد سمعتُ من بعض الدُّعَاة: أن الروافض مجمع على كفرهم، وأن الخلاف إنما هو في كفر الشيعة الذين ليسوا بروافض؛ فأريد توضيحًا لهذه المسألة.
وهل الشيعة الإمامة الاثني عشرية هم الروافض؟ وهل على القول بكفرهم يكون اليهود والنصارى أفضل منهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فالشيعة الاثني عشرية هم من الروافض؛ سموا بذلك تمييزًا لهم عن الزيدية الذين اتبعوا زيد بن علي بن الحسين، بينما رفض جمهور الشيعة الترضي عن أبي بكر وعمر، وقد حكى شيخ الإسلام الإجماع على عدم تكفير الزيدية، وذكر الخلاف في شأن الرافضة؛ فقال في "وأما الخوارج والروافض ففي تكفيرهم نزاع وتردد عن أحمد وغيره" (مجموع الفتاوى 3/ 352).
وهذا من شيخ الإسلام على سبيل حكاية مذاهب العلماء، وأما تحقيقه هو للمسألة فيقول: "وأما تكفيرهم وتخليدهم ففيه -أيضًا- للعلماء قولان مشهوران، وهما روايتان عن أحمد، والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والروافض، ونحوهم، والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها والتي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضًا، وقد ذكرتُ دلائل ذلك في غير هذا الموضع، ولكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه، فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق، ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له، وقد بسطت هذه القاعدة في قاعدة التكفير" (مجموع الفتاوى 28/500).
وهذا يوضح أن شيخ الإسلام بعد أن ذكر خلاف العلماء رجَّح أن أقوالهم كفرية بينما لا يكفر المعين منهم إلا بعد إقامة الحجة، وهذا من إنصاف شيخ الإسلام وضبطه لمواطن الخلاف ومواطن الإجماع مما ننصح به المسلمين جميعًا أن يلتزموا به حتى لا نجعل مسائل وسعت السلف مسائل ولاء وبراء؛ فنكون بذلك مخالفين لمنهج السلف دون أن ندري، ونحن نقول بالتفصيل الذي يقول به شيخ الإسلام -رحمه الله-.
وأما تفضيل اليهود والنصارى عليهم فقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية عن ذلك، فسئل -رحمه الله تعالى- عن رجل يفضِّل اليهود والنصارى على الرافضة؛ فأجاب: "الحمد لله، كل من كان مؤمنًا بما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو خير من كل من كفر به، وإن كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة، سواء أكانت بدعة الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والقدرية، أو غيرهم، فإن اليهود والنصارى كفار كفرًا معلومًا بالاضطرار من دين الإسلام، والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول -صلى الله عليه وسلم- لا مخالف له؛ لم يكن كافرًا به، ولو قدر أنه يكفر؛ فليس كفره مثل كفر من كذب الرسول -صلى الله عليه وسلم-".
مع أن الذي يقرأ "منهاج السنة النبوية" لشيخ الإسلام ابن تيمية يعلم أن كل ما نعانيه من شيعة زماننا -من: موالاة لأعداء الله، وإعمال للسيف في أهل السنة- عاناه المسلمون في زمن شيخ الإسلام، بل أشد، ولكن أهل السنة كما وصفهم شيخ الإسلام "يعرفون الحق، ويرحمون الخلق" (مجموع الفتاوى 35/ 201).