كتبه/ شريح المعبدي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فنحن في طبيعةٍ خلقها الله بنظامٍ محكم، ومن المسلَّمات الكونية: أن الضوء من ضروريات الحياة.
ومن المسلَّمات أيضًا: أننا كلما اقتربنا من بؤرة الضوء كانت رؤيتنا للأشياء أكثر وضوحًا، وتقل كلما ابتعدنا منها؛ بشرط سلامة الأداة المبصرة، وهي: العين.
وكما أن هناك نورًا حسيًّا يستشعره كل صاحب عين سليمة، كذلك هناك نور معنوي يستشعره كل قلبٍ مؤمن.
وهذا النور هو الوحي المنزل، وهما القرآن العظيم والسنة المطهرة، وقد جعل الله -عز وجل- العلماء هم حملة هذه الشعلة، وهم شمس الدنيا الذين كلما اقتربنا منهم في زمن ظلمات الفتن وجدنا عندهم النور والهدى.
وقد كانت شعلة الصديق -رضي الله عنه- هي النور الساطع الذي اجتمع عليها المسلمون في فتنة الردة ومنع الزكاة، وقد كانت في أعلم أهل الأرض في زمانه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في وقوفه ضد الخوارج، وكانت مع ابن حنبل في زمن أعظم الفتن؛ فتنة خلق القرآن.
وكانت في زمن ابن تيمية -رحمه الله-.
ثم الآن في هذا الزمن الذي قلَّ فيه أن تجد عالمًا يجمع بين العلم بالواقع والعلم بجميع العلوم الشرعية المتنوعة.
فكان لزامًا أن يكون هناك نخبة من العلماء الربانيين من أصحاب المنهج الصحيح الذين لهم الرؤية الثاقبة، والدراسة المتأنية في كل موقف أو مع كل نازلة، أو مع كل فتنة فيجتمعون على كلمةٍ سواء فتكون كلماتهم نورًا ساطعًا يستنير به كلُّ مَن اقترب منهم واستنار بعلمهم.
وهذه النُخبة التي أقصد هم علماء الدعوة السلفية التي أُسِّست بالإسكندرية؛ الذين يشهد لهم تاريخهم الدعوي عبر قرابة نصف قرن من الزمان، وهم على مبدأهم وعلى منهجهم الإصلاحي المبني على العلم الشرعي والعلم بالواقع، ثم الشورى، ممتثلين قوله -تعالى-: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى: 38)، وقول الحسن البصري -رحمه الله-: "ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم".
فاللهم لك الحمد على وجود هذه الدعوة، وهذه الشعلة المضيئة لشباب الأمة المباركة.
حفظ الله دعوتنا وعلماءنا.