الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 26 سبتمبر 2024 - 23 ربيع الأول 1446هـ

لعنة الأنبياء لكفار بني إسرائيل (من تراث الدعوة)

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقال الله -سبحانه وتعالى- مبينًا أن اليهود ملعونون على ألسنة الأنبياء والرسل، وأنهم لا يتناهون عن المنكر، بل يتولون الكفار، وينشرون كفرهم وشركهم: (‌لُعِنَ ‌الَّذِينَ ‌كَفَرُوا ‌مِنْ ‌بَنِي ‌إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ . تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة: 78-81).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "يخبر -تعالى- أنه لعن الكافرين من بني إسرائيل من دهر طويل، فيما أنزل على داود نبيه -عليه السلام-، وعلى لسان عيسى ابن مريم؛ بسبب عصيانهم لله واعتدائهم على خلقه. قال العوفي عن ابن عباس: لُعِنوا في التوراة وفي الإنجيل وفي الزبور وفي الفرقان. ثم بيَّن حالهم فيما كانوا يعتمدونه في زمانهم فقال: (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ) أي: كان لا ينهى أحد منهم أحدًا عن ارتكاب المآثم والمحارم، ثم ذمهم على ذلك ليحذر أن يركب مثل الذي ارتكبوه، فقال: (لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).

وقوله: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال مجاهد: يعني بذلك المنافقين. وقوله: (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ) يعني بذلك موالاتهم للكافرين، وتركهم موالاة المؤمنين، التي أعقبتهم نفاقًا في قلوبهم، وأسخطت الله عليهم سخطًا مستمرًا إلى يوم معادهم؛ ولهذا قال: (أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)، وفسَّر بذلك ما ذمَّهم به، ثم أخبر عنهم أنهم: (وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) يعني: يوم القيامة".

وقوله: (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ) أي: لو آمنوا حق الإيمان بالله والرسول والقرآن؛ لما ارتكبوا ما ارتكبوه من موالاة الكافرين في الباطن، ومعاداة المؤمنين بالله والنبي وما أنزل إليه، (وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) أي: خارجون عن طاعة الله ورسوله، مخالفون لآيات وحيه وتنزيله" (ينظر تفسير ابن كثير).

فهؤلاء اليهود ملعونون من أيام داود -عليه الصلاة والسلام-؛ فمِن قديم وهذه النفوس المريضة المقززة موجودة، حتى في عز ملك أهل الإيمان من بني إسرائيل مع نبي الله دواد -عليه السلام-، وهم كانوا كفارًا في زمن ملك نبي الله داود، فلعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم -عليهما السلام-.

فسبحان الله! كم عانى الأنبياء من هؤلاء الذين يتمادون غاية التمادي في المعاصي والعدوان، ويتجاوزون حدود الله -تعالى-، وهم هكذا إلى الآن لا يتناهون عن أي منكر؛ لا شرك ولا كفر، ولا صد عن سبيل الله، ولا إلحاد، ولا فواحش؛ فبئس هذا الفعل منهم!

وهم مع ذلك يتولون الكفار من جميع الملل؛ فتراهم مع الهندوس ضد المسلمين، ومع البوذيين، ومع الملحدين، ومع النصارى، وفي أي مكان في العالم؛ ستجدهم يقفون ضد المسلمين! (لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ . تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ).