كتبه/ غريب أبو الحسن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
"أنا -والله- لستُ منتميًا لحزب النور، ولا الدعوة السلفية".
بهذا القَسَم أفلت أحد الدُّعَاة رقبته من تحت مقصلة لجان الإخوان الإلكترونية.
وبسرعة أثنت عليه لجان الإخوان!
والتي تظهر في صورة علنية على شكل أفراد معروفين على صفحات السوشيال ميديا، أو تتخفى كثيرًا من الأحيان في صورة آلاف من المعرفات الإلكترونية، والتي يعرفها المتابع من التكرار الأحمق للعبارات التي نحتها مسؤولو اللجان الإلكترونية، وتعرفها أيضًا من بذاءة اللسان وسوقية العبارات.
- استطاعت أن تنصب جماعة الإخوان حول رابعة هلوكوستًا، وأن تضع حوله لجانها الإلكترونية، وكل من تجاسر على نقد هذا الهولوكوست أغرت به سفهاءها ولجانها الإلكترونية، وتعتمد جماعة الإخوان على أنها سبقت في مجال السوشيال ميديا، فبينما كان عامة الإسلاميين يستكشفون السوشيال ميديا خلال ثورة يناير، كانت جماعة الإخوان لها أذرعها هناك، فشبكة "رصد" التي كانت تحرِّك المظاهرات حينها وترصد كل صغيرة وكبيرة فيها؛ لم يكن يعلم عامة الناس أنها تُدَار من مكتب خيرت الشاطر، وإلى جوارها كانت تعمل تلك اللجان الإلكترونية، والتي كانت ترسم توجه الناس على السوشيال ميديا بنعومة وخفاء.
- وقبل أن نكمل الحوار حول لجان الإخوان الإلكترونية، أو الأفراد الذين برزوا من تلك اللجان أو استخدمتهم جماعة الإخوان كفزاعات ليؤدبوا بهم من يخرج عن تقديس هولوكوست الإخوان، هناك سؤال تأسيسي يجب أن تجيب عنه قبل كل شيء:
هل اتجاه جماعة الإخوان هو الحق؟ وهل الجانب الذي فيه خصومها هو ضفة الباطل؟
- فقبل أن نخوض في تقسيم الناس بين ساكت ومنكر وجبان وشجاع! ينبغي أن نسأل أنفسنا حول أصل الموضوع، فنحن لا نتكلم في الفراغ، والإجمال يُحسِن الكلام فيه كل أحد.
نقول: إنه قد بدأت الفتنة التي مَرَّت بها مصر بعد وصول الإخوان للسلطة، وبعد أن أكدت أنها لن تدفع بمرشح للرئاسة لأن وضع وحالة الاستقطاب في البلاد تستدعي أن يحكم البلاد رئيس توافقي.. ثم أخلف الإخوان وعدهم، وتوالت الأحداث حتى وصلت الأمور لذروة التأزم، وكان كل قرار جديد للإخوان يؤدي لمزيد من التأزم.
ودخلت جماعة الإخوان في صدام مع الجيش والشرطة والقضاء والأزهر والسلك الدبلوماسي، ومعظم القوى في البلاد.
وقرَّرت جماعة الإخوان أن تركب رأسها وتعادي حتى بعض التيارات الإسلامية ورفضت كل المبادرات التي عرضت عليها، حتى إذا أيقنت أن حساباتها خاطئة، وأنها حسبت موازين القوى بخفة واستهانة، ورأت أن الفشل يقترب منها؛ قرَّرت أن تلقي التيار الإسلامي كله هناك في ميدان رابعة، ليكون مشهد النهاية ملطخًا بالدماء، فينسى الناس كل القرارات الفاشلة لجماعة الإخوان، ولا يتذكرون إلا مشهد الدماء.
- ونحن نبرأ من الدماء كلها، ونبرأ إلى الله من دماء جميع المسلمين. ويتحمل تلك الدماء من غرر بأصحابها وساقهم إلى مصرعهم، ويتحملها أمام الله من أسالها؛ سواء كانت دماء من قتل في رابعة، أو دماء أفراد الشرطة والجيش.
- فحينما نستحضر ذلك سنتوقف عن اعتبار جهة الإخوان هي الحق، وأن الجهة المقابلة هي الباطل. وسنعلم أن من رفض الانسياق وراء الإخوان في قراراتهم الفاشلة أبعد نظرًا وأكثر فهمًا للشرع والواقع. وأنه ليس كل مقتول محقًّا، وليس كل مسجون محقًّا، وليس كل مطارد محقًّا، وإلا كان الخوارج أحق من علي -رضي الله عنه وأرضاه-، وإنما: "اعرف الحق تعرف أهله".
- استطاعت الإخوان عن طريق لجانها الإلكترونية وعن طريق "عمال اليومية" من نجوم السوشيال ميديا خارج البلاد -والذين ينفق عليهم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بسخاء-: أن يرددوا تلك العبارات المنحوتة بعناية حول أن جماعة الإخوان هي الحق، وأن خصومها هم الباطل؛ بدليل "الدماء التي سالت في اعتصام رابعة"، ومن كثرة تردادها أصبحت هناك شريحة من أبناء التيار الإسلامي تعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين هي الحق، وأن جماعة الإخوان مظلومة، أو أن خصوم الإخوان على الباطل وليس لهم توبة، ومهما وافقوا الحق في مرة فليس لوجه الله، ولكن ليتآمروا على الدين، وتبع ذلك العديد من دعاة السوشيال ميديا، حيث معيار النجاح هناك هو عدد المشاهدات واللايكات والشير، والتعليقات على جميل الصفات!
- فنجد أن الدعوة إلى الله، والداعية قد صار أسيرًا لتلك الأدوات! فصار معيار نجاح الدعوة عند القوم هو العدد الكبير الذي يسمع المقاطع التي تختار مواضيعها بعناية، فلا تصادم سلطة الدولة، ولا تصادم سلطة لجان الإخوان الإلكترونية وسفهاءها، ويظل الداعية يسير على خوف من أن يغضب أيًّا من الطرفين.
- استثمرت جماعة الإخوان ولجانها في "الحماقة"، وصار نشر الحمق والتحامق رسالة لجانها، بل ورموزها، ورددت الكذبات وانتشرت الشائعات واستبيحت الحرمات، فمن قالوا: إن السيسي أمه يهودية هم نفس العقول والأفواه التي قالت: عبد الناصر أمه يهودية! ولا يهم الكذب؛ المهم أن تنتصر تلك اللجان لموقف الإخوان، وقد أباح لهم منهجهم وقياداتهم أعراض كل من كان خارج الجماعة من "الأغيار"، ولفَّقوا لهم السند الشرعي لذلك.
- وصار الموقف من جماعة الإخوان هو المعيار الذي يقيم به الرجال، ويعرف به الحق! دعك ممن يقيم الرجال بالسجن؛ فمعظم قيادات الإخوان فرَّت خارج البلاد. ودعك ممن يقيم الرجال بكلمة حق عند سلطان جائر، فمئات الآلاف من الإخوان بالداخل لا تقول كلمة الحق -في زعمهم-، بل العديد منهم يتماهون من الداخل ويخرجون في الحملات الانتخابية لتأييد السلطان! ولا عجب؛ لأنهم لا بد أن يحافظوا على كوادر الجماعة، والذين هم في نظرهم القاصر صفوة المسلمين وجماعة المسلمين، ويعتقدون أنهم ثروة يجب الحفاظ عليها وهم في الحقيقة بعض مصائب الأمة، أما عموم المسلمين فلا قيمة لهم عند الإخوان، فهم وقود لمعارك الإخوان! بل يرى الإخوان أنهم يكرمونهم حين يستخدمونهم حطبًا لنيران معاركهم الفاشلة والمتجددة في الفشل.
- ولتعلم دور الإخوان فيما حدث في رابعة وأنهم سبب أصيل في تلك الدماء التي سالت: استمع لشهادة بنت القيادي التنظيمي "محمد علي"، فبالأمس القريب استمعت لشهادة بنت ذلك القيادي التنظيمي في جماعة الإخوان المسلمين، وهو قيادي كبير، ولكنه ليس معروفًا إعلاميًّا؛ هو القيادي "محمد علي" عضو لجنة التخطيط والإدارة، وضابط اتصال في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، والذي تم استضافة ابنته في برنامج "من الآخر كده" لكي تدلي بشهادتها.
وكانت شهادة صادمة بكل المقاييس!
ذكرت ابنة القيادي محمد علي:
- أن والدها طالب خيرت الشاطر بانتخابات رئاسية مبكرة عندما تأزمت البلاد في عهد رئيس مصر الأسبق محمد مرسي -رحمه الله-، فكان رد خيرت هو الرفض، وأكد له أن السيسي خاتم في صباعه! (ابتسامة)، وأن أمريكا تقف معهم! (ابتسامتين)، وأن خصومهم مجموعة من الشراذم! (ابتسامة بعدد الشراذم)، ورفض خيرت الشاطر ذلك الاقتراح، واستمر الإخوان في عنادهم.
- أن والدها -مع تطور الأحداث- عارض بشدة فكرة اختطاف قيادات أمنية مصرية، وتهديد السلطة بها، وقال القيادي: إن الدولة لن ترضخ، وستعتبرهم شهداء، وسيزداد الأمر سوءًا.
- أن والدها حذَّر قادة الاعتصام من الدماء التي ستسيل، ولكن كان رد صفوت حجازي: "وإيه يعني كام واحد هيموت ???، ???، ????، كلما سالت الدماء كلما التف الناس حولنا!".
- أن والدها رجع مصدومًا وعازمًا على السفر خارج البلاد لليمن، حيث كان في مهمة متعلقة بالتنظيم الدولي للإخوان، وأنه قرر الابتعاد عن نشاط الإخوان داخل مصر.
- أن الأجهزة الأمنية أبلغت الإخوان: "أن الفض سيتم بعد ثلاثة أيام، وأنتم أحرار"، ولكن لم يبلغ الإخوان المعتصمين، بل أبلغوا المنتسبين للإخوان فقط؛ ليخرجوا يوم الفض من الممرات الآمنة، وهذا يفسِّر: العدد الكبير من الإخوان الهاربين بالخارج، ويفسِّر: لماذا حتى من سجن منهم ألقي القبض عليه في بيته! وترك الإخوان بعض الشباب على المنصة ليقودوا المنصة ويحمسوا المعتصمين للثبات؛ بالإضافة لعدد محدود جدًّا من القيادات، وظلت المنصة تطلب من المعتصمين المغيبين الثبات، وتذكرهم بغزوة بدر، وتذكرهم بصمود المسلمين فيها، بينما يلوذ قيادات الإخوان والكوادر هربًا من الممرات الآمنة.
- أن والدها كان يتابع فض الاعتصام من التلفاز، وهو متأثر بمشاهد الفض والدماء؛ الدماء التي كان يرغب قيادات الإخوان أن تسيل ليكسبوا مزيدًا من التعاطف، كما قال المجرم "صفوت حجازي"، أو ليتفاوضوا على دمائهم كما قال الإعلامي غير الموهوب "زوبع"، أو لكي يكتب الإخوان في تاريخهم أنهم ظُلِموا؛ فأن تخرج جماعة الإخوان في صورة المظلومية خير لها من أن تخرج في صورة الجماعة الفاشلة والتي تعاني من مرض مزمن اسمه: "الغباء السياسي" وتكرار ذات الأخطاء!
- أن والدها جاءه اتصال: أن صديقًا له قد قتل هناك، وأنهم لا يستطيعون إخراج جثمانه، فنزل سريعًا ولم يستمع لها وهي تحاول منعه، فقد رأى أن ذلك من واجبه، وأنه ربما يستطيع أن يقنع القائمين على الاعتصام بسرعة فضه، ودفع الناس للخروج من الممرات الآمنة مع كوادر الإخوان وإنقاذ مَن يستطيع إنقاذه.
- أن والدها اتصل بها من هناك بعد أن وصل للمنصة، وحدثت مشادة بينه وبين القائمين على المنصة من مسئولين ونهرهم، وقال لهم: هناك غزوات أخرى غير غزوة بدر التي تذكرون بها الناس، هناك غزوة مؤتة حين انسحب خالد بن الوليد -رضي الله عنه- من المعركة، وحفظ دماء المسلمين.
- تقول سارة: ولكن المكالمة قطعت فجأة، وظللتُ أتصل حتى رد عليَّ شخص، وقال: "احتسبي والدك عند الله شهيدًا؛ فقد أصيب برصاصة قناص في جبهته"؛ كان هذا قبل وصول القوات للمنصة، أي: كان الإخوان لا يزالون يسيطرون على المنصة، وكانت الشرطة على حواف الاعتصام.
دارت الدنيا بها واتصلت بأخيها ليذهب هناك خلف المنصة ليبحث عن جثمان والده، وصل أخوها بالفعل واستلم متعلقات والده؛ حقيبته وساعته وهواتفه، وسأل ذلك الشخص عن جثمان والده، فقال له: ابحث خلف المنصة.
- بحث خلف المنصة وفي مستشفى رابعة، ثم بحثوا في مسجد الإيمان حيث تجمعت الجثث، ثم بحثوا في مشرحة زينهم، ولم يستدلوا على جثمان والدهم! فأين ذهب الجثمان؟ وكيف خرج من الميدان؟
- تقول: مرَّ يوم الأربعاء ثم الخميس، وفي يوم الجمعة تلقت اتصالًا أن والدها ألقته سيارة قبل مشرحة زينهم بشارعين، هرولت المسكينة لهناك، لتجد والدها لا زال ينزف! وبعد أن ذهبت به للمشرحة أكدوا لها بعض الحقائق الصادمة:
- "والدك قُتِل من وقت قريب، وليس الأربعاء والذي هو يوم الفض!".
- "والدك قتل بسلاح لا تمتلكه وزارة الداخلية، والدك قتل من المسافة صفر برصاصة خلف رقبته، وليس رصاصة قناص!".
- أسقط في يديها ولملمت جراحها، ودفنت والدها لتعود للبيت فتكتشف أن بعض متعلقات والدها سرقت أثناء الجنازة، لابتوب وهارد وأوراق، وأن رسائل والدها الإلكترونية حذفت! انتهت القصة.
- وقالت: إن والدها قتل خارج الميدان، وقتل لأنه عارض استمرار المنصة في حشد الناس، وتشير بأصابع الاتهام لتنظيم الإخوان نفسه.
- تخبرك شهادة ابنة القيادي الإخواني محمد علي: كيف أدارت قيادات الإخوان المشهد بأعلى قدر من الغباء السياسي، وكيف لم يستمعوا النصح حتى من لجان التخطيط الخاصة بهم، وكيف اعتمدوا على دعم الأمريكان لهم، وكيف أمَّنوا قياداتهم ومنتسبيهم، وأخفوا فض الاعتصام عن عموم من وثق بهم من أصحاب العاطفة الإسلامية!
تخبرك الشهادة: كيف كانت قيادات الإخوان "وعلى رأسهم المجرم صفوت حجازي" تستهين بدماء المسلمين! وتذكرنا بقول ذلك المجرم: "لو وزير الداخلية راجل يجي يفض الاعتصام"، ثم بعد الفض يقبض على صفوت حجازي على حدود ليبيا! بعد أن خرج من الممرات الآمنة؛ إلا أنه لم يجد حدود مصر آمنة له ولأمثاله!
تخبرنا شهادة ابنه القيادي: كيف تفتك جماعة الإخوان بكلِّ مَن يعارضها حتى لو كان من خُلَّص أبنائها، وأن مَن يعترض مسيرة الجماعة فهو يعترض الحق وينصر الباطل، ويركن للذين ظلموا! ويستحق تشويه سمعته، وربما جثمانه!
- لجان نوعية تقتل من يعارضها على الأرض، ولجان إلكترونية تغتال من يفكر أن يعارض موقفها في الواقع الافتراضي، والسوشيال ميديا.
- وإذا أردت أن تعرف مَن مِن الأفراد يمثل لجنة من لجان الإخوان فما عليك إلا أن تراقبه؛ فإن وجدته واقعًا في حفرة رابعة الزمنية لم يخرج منها، وإن رأيته يوالي ويعادي على الموقف من السلطة، وإن رأيته لا يقبل من السلطة أي خير، وإن رأيته لا يتوقف عن الهجوم على حزب النور: فاعلم أنه لجنة من لجان الإخوان، وإن حاول أن يظهر بصورة عدم الانتماء للإخوان؛ وذلك لأن الإخوان ترى نفسها بديلًا للسلطة، وأي خير تقوم به السلطة يضر الإخوان، وأي تقارب بين السلطة والشعب يقضي على فكرة الإخوان.
ومن جهة أخرى: فإن بقاء صوت إسلامي غير الإخوان يعني تراجع شعبية الإخوان، فالإخوان ترى نفسها الممثل الحصري والوحيد للإسلام؛ لذلك سترى تلك اللجان الإخوانية لن تتوقف عن ذم السلطة ووصم كل داعية يعارضهم أنه من علماء السلطان، وعدم قبول أي خير من السلطة، وتشويه ما تقوم به (أي سلطة لا تشارك فيها الإخوان) من صواب، والدفع بمن يصدقهم نحو العزلة الشعورية عن مجتمعهم، واتهام أي اتجاه إسلامي يحاول الإصلاح بأنه خائن وعميل؛ لأنهم باختصار يرون أنفسهم جماعة المسلمين، وأنهم الحق وأي نصر أو صلاح يأتي من طريق غير طريقهم فهو باطل!
- لم يستطع ذلك الداعية أن يقول كلمة الحق عند اللجان الإلكترونية، كما فعل القيادي التنظيمي محمد علي، ودفع حياته ثمنًا لذلك، بل سريعًا ما تراجع لينزل عن المسرح، ويتجنب حملات تشويه السمعة.
ولسان حال تلك اللجان الإلكترونية يقول:
- مسموح لك أن تصمت وتأمن نفسك طول لساننا، وحملات البهتان التي نبرع فيها.
- مسموح لك أن تصمت وأن تدعمنا في مجالسك الخاصة.
- مسموح لك أن تصمت وتعرض بخصومنا وتتهمهم بالخيانة، ولكن أن تخرج وتنتقد موقف جماعة الإخوان "ولو من بعيد"؛ فهذا غير مسموح! وسنصعد بك على المسرح، وسنجعلك ترتجف من هجومنا عليك، وستجد بحر اللايكات تضاءل، وربما تحول إلى قناة صغيرة، وسنفتح عليك بالوعات من الألفاظ والإساءة تلوث مياه المحيط، وسنرغمك على العودة سريعًا معتذرًا، وأن تقسم أنك غير منتمٍ لمن يعرف حقيقتنا، ويعارض موقفنا صراحة؛ عندها سنوقف تلك الحملة، وعندها سنعيد ربط كلابنا المسعورة عن نهشك، وربما ساعدناك في تضميد جراحك النازفة، وسنقول لك: جزاك الله خيرًا على قبول النصيحة!
- وأما أنت صديقي وأخي المنتمي لحزب النور والدعوة السلفية: فلك أن تفخر بموقف دعوتك وحزبك الذي لم يلتفت، ولم يتأثر بهجوم لجان الإخوان الإلكترونية، ولا بهجوم عُمَّال اليومية من سفهاء السوشيال ميديا.
ولم يلتفت كياننا "لعمال اليومية" المقيمين في تركيا ثم في لندن، والذين لا يتوقفون عن تجميل مواقف الإخوان الغبية، ووضع المساحيق لإخفاء وجه الحقيقة البائس، ثم تشويه كل خصوم الإخوان. ولا لكل أشكال أصحاب المنهج القطبي؛ الذين يرون أن مجتمع المسلمين مجتمع جاهلي، وأن الصدام مع السلطة والمجتمع هو الطريق الوحيد للتغيير، وأن السلطة ليس لها توبة، ومهما أقدمت على شيء من تعظيم الشرع؛ فإنها تخدع بذلك الناس!
- وقفت الدعوة السلفية وحزب النور موقفًا واضحًا من اعتصام رابعة، ورأت كما رأى القيادي المغدور محمد علي أنه اعتصام كارثي، وصرَّحت بذلك.
- ورفضت الحشد والحشد المضاد، ودعت لانتخابات مبكرة كما دعا القيادي الإخواني المغدور "محمد علي"، وكما كان يدعو كل عاقل يرى المشهد المتأزم وقتها.
- وطالبت المحتشدين بترك اعتصام رابعة سلميًّا، كما طالب القيادي الإخواني المغدور، ولكن التيار القطبي المسيطر على مقاليد الجماعة قاوم كل تلك المبادرات وأبى إلا الصدام!
- ومن المؤسف أن يظل عددٌ من الدعاة أسرى لتلك اللجان الإلكترونية البائسة، والتي نقلتْ لشريحة من أبناء التيار الإسلامي حماقة الفكر، وبذاءة اللسان، وحوَّلتهم لأبواق لعباراتها المنحوتة، حول الحق والباطل، وكلمة الحق عند سلطان جائر، وربطت الحق بمواقف قيادات الإخوان الفاشلة.
- فهل سيستفيق أولئك الدعاة، ويدركون أن عليهم أن يعملوا على تأدية تلك الأمانة التي في أعناقهم من توضيح منهج الأنبياء لمن يثق فيهم من الشباب، وأن يتبعوا نور الوحي وأن لا يلتفتوا لمدح أو ذم، وأن منهج التجهيل والتكفير والصدام منهج باطل؟
هل يستطيع أولئك الدعاة أن يعرضوا مواقف الإخوان منذ الثورة وحتى اليوم على الكتاب والسنة أم أنهم سيتركونها كما تركوا موجة التكفير العاتية بعد رابعة -التي أطلقها الإخوان ولجانهم وداعموهم من التيارات القطبية- تقتلع كثيرًا من الشباب المسلم، وتدفعه نحو الغلو والتكفير، واستحلال دماء المسلمين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة؟!
هل يستطيع أولئك الدعاة أن يقولوا: "كلمة حق عند لجان الإخوان الإلكترونية"؟!