الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتُدِين "الدعوة السلفية" جريمة الحرب الهمجية التي ارتكبها "الكيان الصهيوني" بقصف مربع سكني في "جباليا" في قطاع غزة!
وتؤكِّد "الدعوة السلفية": أن كلَّ مَن يقف وراء الكيان الصهيوني "خاصة أمريكا" شركاء لها في هذه الجريمة.
لقد زعم الكيان الصهيوني أنه صاحب الجيش الذى لا يُقهر؛ إلا أننا وجدناه مقهورًا دائمًا -بفضل الله- إذا ما وَاجَه مَن يرفعون في وجهه شعار: "الله أكبر"، كما حدث في حرب "العاشر من رمضان"، وكما يحدث الآن في حرب "طوفان الأقصى"، مع أنه يواجه رجالًا محدودي العدد، يُقَاتِلون بأسلحة أخرجتها جيوش العالم مِن الخدمة منذ أكثر من نصف قرن!
لقد ظل العدو يمهِّد الأرض للغزو البري ثلاثة أسابيع؛ ارتكب فيها جرائم حرب بحقِّ الشعب الفلسطيني الأعزل، بلغت أوج وقاحتها في قصف فناء مستشفى المعمداني، وبعد تمهيد دام ثلاثة أسابيع -تضمَّن تلك الجرائم- دخلت جيوشهم المقهورة المذعورة على متن "الميركافا" التي يُقَدَّر ثمنها بملايين الدولارات، والمجاهدون يطلقون عليها قذائف "الآر بي جي" البدائية! لكن معها دعوات جموع المسلمين، فمِن ثَمَّ وجدنا تلك القذائف البدائية تحطم تلك الدبابات الحصينة وتحيلها إلى شظايا، وكأنه مصداق قوله -تعالى-: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأنفال: 17).
فما كان من قيادة "العصابة الصهيونية"؛ إلا أن قرَّرت أن تقصف مخيم جباليا، فسقط نحو من 400 شخص ما بين قتيل وجريح، نسأل الله أن يبلِّغ قتلاهم منازل الشهداء، وأن يشفي جرحاهم شفاءً لا يغادر سقمًا.
وأمريكا "ومعظم الدول التي تصف نفسها زورًا بالدول المتحضرة" تدافع عن هذه الهمجية تحت دعوى: أن إسرائيل في حالة دفاع مشروع عن النفس! وهو ليس دفاعًا عن النفس، بل هو همجية وبلطجة، ومنطق الكاوبوي!
فإنهم لو صَنَّفوا "حماس" على أنها جماعة إرهابية كما يحلو لهم، فيكون الرد على باقي أهل غزة عقابًا جماعيًّا يُصَنَّف وَفْق القوانين الدولية التي وضعوها بأنفسهم بأنه جريمة حرب، ولو أنهم صَنَّفوا "حماس" على أنها جماعة مقاتِلة ضد دولة محتلة -كما هو وصفها الصحيح وَفْق قانونهم الدولي- فتكون كل هجمات إسرائيل على غزة استهدافًا مباشرًا للمدنيين يمثِّل أيضًا "جريمة حرب شنعاء".
وادِّعاء اختباء العسكريين في مبانٍ مدنية لا يتيح وَفْق القانون الدولي مهاجمتها؛ فما بالك بالأماكن شديدة الحصانة: كالمساجد والمستشفيات، والتي قام الكيان الصهيوني باستهداف كثيرٍ منها؟! بل حتى الكنائس لم تسلم منهم!
وهل هذا المنطق المنتكس خاص ببلاد المسلمين أم هو منطق عام؟
ولو زعموا أنه منطق عام، فهل يقبلون أن تعتبر روسيا كل مدن أوكرانيا مستباحة لكون الضباط الأوكرانيين لا شك لهم بيوت مدنية يعيشون فيها في إجازاتهم؟ والعكس بالعكس.
في الواقع: إن أمريكا والغرب "بمساندته إسرائيل حتى في المخالفات الفجة للقانون الدولي" يقوض بنفسه أسس النظام الدولي الذى أسسه بعد الحرب العالمية الثانية، وهو نظام جائر يتدثر بعباءة رقيقة من العدل الظاهري، ولكنه الآن خلعها وبقي الظلم وقحًا فجًّا بلا أدنى خجل أو حياء، وسيجنون الثمار المرة لهذا الظلم، فإن الله قد جعل الدنيا دار عمل، والآخرة دار جزاء، وقد يعجل شيئًا من العذاب لمَن جاوز المدى في ظلمه: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: 102).
إن "الكيان الصهيوني" يأبى إلا أن ينزع عن نفسه صفة الإنسانية، وأن يسجِّل نفسه في سجل مزابل التاريخ.
ولا يزال قادة الدول المسماة بالكبرى يتسولون أصوات اللوبي اليهودي بالعمل كمندوبي دعاية لسفاحي الكيان الصهيوني، وبوضعهم أموال ومقدرات دافعي الضرائب في أمريكا وغيرها تحت تصرف بني صهيون ليُقتَل بها أطفال ونساء في مخيمات، فروا إليها منذ سبعين عامًا عندما أعطت بريطانيا بيوتهم لتلك العصابات الصهيونية!
فيا أبناء أمتنا تذكَّروا قوله -تعالى-: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران: 173).
وتطالب "الدعوة السلفية" بالآتي:
- تعجيل موعد القمة العربية الطارئة لتنعقد فورًا.
- تكرِّر النداء الذي وَجَّهه رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، للشخصيات التي تتمتع بالحصانة الدولية لتأتي إلى معبر رفح في مصر؛ لتقود قوافل المساعدات إلى غزة بحيث يمكن إدخالهم بانتظام دون موافقة الكيان الصهيوني مع ضمان عدم قصفها.
- قطع كل مفاوضات ومشاورات الصلح والتطبيع من كل البلاد العربية والإسلامية مع العدو الصهيوني.
- وقف جميع الأنشطة التجارية مع العدو الصهيوني، ومَن يسانده بشكل تدريجي تقرره القمة العربية.
- إعداد مذكرة قانونية باسم: "الجامعة العربية" في مشروعية المقاومة، وتمتع أفرادها بالحماية التي يضفيها القانون الدولي على المقاتلين في مجموعات التحرر الوطني للبلاد المحتلة حتى لو كان لبعض الدول العربية خلافات مع بعض جماعات المقاومة تتعلق بغير ملف مقاومة المحتل في الداخل الفلسطيني، فالموقف الآن يتعلَّق بقضية مجمع عليها إسلاميًّا وعربيًّا بأن مقاومة المحتل جهاد عظيم، (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحج: 39).
- وإعداد مذكرة أخرى بجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل مع اعتبار أمريكا شريكًا مباشرًا في هذه الجرائم.
نسأل الله أن يرينا في اليهود عجائب قدرته، وأن يهزمهم ويزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وأن يثبِّتَ المجاهدين وينزل عليهم سكينته، وأن يجمع كلمتهم ويسدد رميهم، وينصرهم على عدو الله وعدوهم.
الدعوة السلفية بمصر
الأربعاء 17 ربيع الآخر 1445هـ
1 نوفمبر 2023م