كتبه/ عبد العزيز خير الدين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فكم مِن بيوت تهدَّمت، وأُسَر تفككت، وحياة زوجية دُمِّرت، وبر وصلة للأمهات قد ضُيعت، بسبب هذا المفهوم الخاطئ، حين يقارن الزوج بين أمه وزوجته، وخاصة إذا تعرض لخلاف بينهما، فيرضي طرفًا على حساب الآخر، ولا شك أن أي خيار خاطئ يعود عليه بالدمار؛ إما في الدنيا أو الآخرة، أو الاثنين معًا.
والأمر هنا يحتاج إلى موازنة وحكمة، وفقه وبصيرة؛ حيث إن الأم لا تقارن بأي ذي قربى حيث أمرنا الله بالإحسان إليها بعد أن أمرنا بعبادته -سبحانه-، والزوجة أنت مأمور بحسن عشرتها والتلطف معها، وعدم ظلمها حتى لو كرهتها.
لذا سأرسل ثلاث رسائل لعلها تكون سببًا في علاج كثيرٍ من الخلافات الأسرية من هذا النوع:
الرسالة الأولى (للأم):
أعلم يقينا أنكِ تبحثين عن سعادة ابنك، وكنت تعدين الأيام والليالي من أجل هذا اليوم الذي ترين فيه ولدك سعيدًا في حياته، فلا تضعيه محل اختبار (إما أنا أو زوجتك)؛ لأن أي خيار حتمًا في النهاية لن يسعدك، وخاصة في مسائل خلافية صغيرة تحل بكلمة طيبة، أو تغافل، أو مسامحة، فما أجمل أن تكوني أمًّا لزوجته، فيسعدان بوجودك ويبذلان وسعهما في رضاك.
الرسالة الثانية (للزوجة):
لا تدخلي مع زوجك في خيار خسران، وإذا رأيتِ مِن أمِّه شيئًا؛ فاصبري لله أولًا، ثم لتماسك الأسرة واستقرارها، واعلمي أنك تركتِ أمك فمنحك الله أمًّا أخرى فهنيئًا لكِ؛ فأحسني استغلالها، فلو اختار أمه هدمت الحياة الزوجية، ولو اختارك أنت أصبح عَاقًّا لأمِّه؛ فكيف تعاشرين رجلًا عَاقًّا لأمه، وسوف يأتي اليوم الذي يعقك فيه أبناؤك، فكما تدين تدان.
الرسالة الثالثة (للزوج):
إياكَ أن تدخل أمك في خلافاتك مع زوجتك ظنًّا منك أنها ستحتويك؛ بل على العكس من حبها لك ستدخل العداوة والكراهية في قلبها تجاه زوجتك، وستعتبرها العقبة الوحيدة في طريق سعادتك، وتحاول أن تزيح هي هذه العقبة كما أزاحت كثيرًا من العقبات عنك وأنت في الصغر، فاجعل حياتك وأسرار بيتك داخل البيت، ولا تسمع أمك عن زوجتك إلا خيرًا، وأيضًا لا تسمع زوجتك عن أمك إلا خيرًا؛ فأنت القائد الذي يتعامل بحكمة وذكاء، لا بتهور وبلادة، وليس بالضرورة نصرة طرف على الآخر، فلستَ في مقام التحقيق والقضاء، بل كن كالطبيب الذي يداوي الجراح لتسعد في الدنيا والآخرة.
حفظ الله بيوتنا جميعًا من مساوئ الأخلاق، وجنَّبنا الفِتَن ما ظَهَر منها وما بَطَن.