كتبه/ غريب أبو الحسن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلماذا الارتباط لا يكون إلا مِن خلال طَرْق باب البيت، وفي صالون البيت كما يتندَّر البعض؛ فيسمون الزواج الذي يبدأ التعارف فيه في البيت بـ"زواج الصالونات"؟!
- لأن طرق باب البيت يعني الجدية في طلب الارتباط، فلا مجال للهو، ولا مجال للخداع؛ سلوا معظم مَن ارتبط خارج البيت وأقام العلاقات بسبيل غير طريق البيت، وسوف تجدون مَن أمضى سنوات مِن الدوران في فلك وَهْم الحب، ثم يكتشف في النهاية أن الطرف الآخر كان فقط يلهو، وهو غير جاد بالارتباط، أو يشعر بالملل وقرَّر أن يتسلى، أو يريد أن يثبت لنفسه أنه مرغوب مطلوب، ليخرج المخدوع مصدومًا ونادمًا على سنوات من الاهتمام، وعلى أحلام انقطعت بانقطاع شبكة النت، وحلم غاب بغياب كلمة "متصل الآن"!
- ولأن الارتباط من خلال البيت ومن خلال الأهل يعني المسئولية، والرغبة في تحملها، فالأهل لا يسمحون بعلاقة إلا باتفاقات واضحة ومواعيد محددة، وبعد التأكد من كون الشريك الآخر قادر على تحمل المسئولية، وليس فقط يجيد نسج كلمات الحب، وبناء أبيات الغزل، وزرع الأوهام.
- ولأن الارتباط من خلال البيت يعني التأكد من وجود "القبول"، والذي هو القاعدة الأساسية التي يبنى عليها الحب المتين الراسخ دون انبهار يؤدي لتعلُّق مرضي، أو تعلق بصور على صفحات التواصل حسنتها فلاتر التصوير! وبعد حدوث القبول يؤدم بينهما بالمعروف وتنشأ أنواعٌ مختلفة من الحب، فالعشرة تجعلك تحبه لحسن عشرته، وجميل أخلاقه وطباعه، حب آخر بطعم آخر، والاشتراك في الإنجاب أواصر جديدة تعمق ذلك الحب النامي المزهر.
- ولأن الارتباط من خلال البيت تجعلك تسأل عن شريك حياتك المنتظر، وعن أهله، وعن سلوكه في عمله، وعن أخص صفاته، فتقدِم على الارتباط به على بصيرة وعلى نور، قبل أن تنظر إليه بمرآة الحب والتي أجمع العقلاء أن الناظر فيها أعمى أو متعامٍ، فكم مِن مبهر على صفحات التواصل الاجتماعي يشتَكى من سوء خلقه الحجر والشجر!
- ولأن الارتباط من خلال البيت يجعل العلاقة تحت ملاحظة الأهل وإشرافهم؛ فلا تجاوز ولا تعجل، ولا انزلاق لما يغضب الله -سبحانه وتعالى-؛ فكم مِن متعجل حرم بتعجله.
- ولأن الارتباط من خلال البيت فيه نشر الفضيلة والطهر والعفاف، وكل مَن عركته الحياة يعلم حقيقة اشتراط أسطورة: "الحب قبل الزواج!"، نعم قد يحدث الحب رغمًا عنا، وعلاجه المسارعة للزواج، وإزالة العقبات نحوه، أما اشتراط الحب قبل الزواج؛ فسلوا محاكم الأسرة عن ملايين حالات الطلاق بين عشاق الأمس!
- ولأن الارتباط من خلال البيت يعزز الثقة بين الزوجين، فشاب يتحلى بمعاني الرجولة يطرق "باب فتاة" تحرسه الرجال، تزداد قيمة ومقدار كل منهما في عين الآخر.
- ولأن الارتباط من خلال البيت هو أدعى لتحقيق مصالح المرأة فلا تترك لعاطفتها التي تجعلها تذهل عما يصلحها، بل يكون الدور الأكبر لأوليائها؛ لذلك اشترط الشرع موافقة الولي على الزواج؛ لأنه في أغلب الأحيان يبصر مصلحة المرأة ربما أكثر من نفسها.
- يتيح لك زواج الصالونات أن تتعرف على العائلة قبل زوجة المستقبل، وهذا يتيح لك المعرفة العامة لسلوك العائلة رجالًا ونساءً فيلقون لك الضوء على طبيعة علاقتك المستقبلية مع رجالهم وعلى مدى حسن تبعل نساء العائلة لرجالها، وأن تعلم أن تلك العائلة هي مصنع "للودود الولود".