كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد زَحَف الجنرال الإسباني (سيلفيستر) بجيشه من قاعدته في مليلة لاحتلال إقليم الريف المغربي وإخضاع أهله، وكانت مجموع قوات الجنرال سيلفستر 24 ألف جندي، منهم 4 آلاف من مجندي المغاربة، فدفع منهم 21 ألف جندي مجهزين بالأسلحة والمدفعية والمدافع الرشاشة لتحقيق خطته.
تقدَّم الجنرال بقواته في شهر مايو 1920م إلى غرب نهر القرط، واحتل منطقة (دار داريوس)، ثم احتل (تافارسيت)في شهر أغسطس، ولما لم يلقَ أي مقاومة وطنية؛ واصل تقدمه حتى احتل (أنوال) في 15 مايو 1921م، واحتل في أول يوليو جبل (عبران) الذي يقع على بعد 12 كيلو متر من أنوال، ويطل على ميناء الحسيمة ومنطقة (أجدير) مركز قبيلة (بنوورياغيل) التي تدين للأمير عبد الكريم الخطابي بالولاء.
في مقابل ذلك، عمل الأمير عبد الكريم الخطابي على زيادة عدد رجاله لدخول المعركة ضد الإسبان الزاحفين نحوه، وقام بتنظيم هؤلاء الرجال وتدريبهم تدريبًا جيدًا، وتوزيعهم على مواقع في الجبال، مع تنظيم عملية الاتصال والربط بينهم.
كانت المواقع منتشرة على سفوح الجبال وقممها، ونظرًا لطبيعة المنطقة الجبلية، فكانت الطرق والمسالك الموجودة -والتي تسمح بمرور قطع المدفعية وقوافل التموين- قليلة العدد؛ لذا كان من السهل توقع تلك الطرق التي ستمر منها القوات الإسبانية المتحركة، وبالطبع الإعداد لاصطيادها من مواقع منتشرة في كل مكان حول تلك الطرق، وهي مواقع يصعب على العدو اكتشافها بسهولة للعامل معها، وبهذا التنظيم لمجاهدي الريف وحسن الضبط والربط تمت تهيئة الظروف لانتصار المجاهدين.
وأثناء تلك الفترة حَذَّر الأمير عبد الكريم الجنرال سيلفستر من مغبة الاستمرار في التقدم بقواته والدخول في مناطق لا تعترف بالحماية الإسبانية، ولكن الجنرال كان قد أعماه غروره بنفسه وبقواته؛ فأصم أذنيه عن هذا التحذير، ورد عليه ردًّا جافًّا ذَكَر فيه: أن إسبانيا لها من القوة ما يمكنها من الذهاب أينما شاءت! وقد اعتقد الجنرال بقدرته على فرض حكمه على البلاد؛ خاصة أنه خلال تقدمه الأول لم يجد مقاومة، وحقَّق عدة انتصارات سريعة متتالية خلال أسابيع قليلة، ولم يتوقع الجنرال أن هذا كان استدراجًا متعمدًا له ولقواته مِن قِبَل الأمير عبد الكريم للدخول في المناطق الجبلية الوعرة التي طبيعتها عند المواجهة في صالح الوطنيين.
معركة أنوال:
ما إن احتل الإسبان جبل (عبران) حتى قام رجال (بنوورياغل) بمهاجمتهم في نفس الليلة، وتمكَّنوا من احتلال الجبل، وكانت القوة الإسبانية الموجودة على الجبل تتكون من 250 جنديًّا مسلحًا، منهم مائتان من المجندين المغاربة، وما إن بدأ القتال حتى أسرع المجندون المغاربة بترك مواقعهم وانضموا بما معهم من أسلحة إلى إخوانهم المغاربة المهاجمين.
واصل أبناء الريف هجومهم على كلِّ مواقع الإسبان التي احتلوها ومحاصرتها، واضطرت حامية (إيجربين) الإسبانية إلى طلب النجدة السريعة من الجنرال سيلفستر، وقد حاول الجنرال نجدتها بإرسال طابور عسكري للقيام بذلك، ولكن الطابور الإسباني فشل في فك الحصار أو الاتصال بالقوات المحاصرة.
ولتدارك الموقف السيئ، اضطر الجنرال سيلفستر إلى تجميع جميع قواته كلها الموجودة في قطاع مليلة، وتركيزها في أنوال، ثم الانطلاق منها لفك حصار (أجربين)، وبدأ محاولة فك الحصار في 21 يوليو، ولكن رجال الريف الذين حصنوا خطوطهم ردوا الإسبان القادمين من جديد، وأمام تردي الأوضاع قرر الجنرال الإسباني إنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ فأصدر أمره بإخلاء أيجربين والانسحاب منها.
ولما شعر الجنرال أنه قد فقد السيطرة على الموقف، وأن قواته الرئيسية التي جمعها في أنوال انخفضت روحها المعنوية، وباتت مهددة بعد تطويق رجال الريف لها؛ أصدر أمره بالانسحاب من أنوال نفسها، والعودة إلى مليلة، فكان التقهقر والهزيمة الساحقة.
ومع اندفاع القوات الإسبانية على الطريق الموصل إلى مليلة، سادت حالة من الذعر والفوضى، وفرَّ معظم جنود الحاميات الإسبانية من مواقعهم العسكرية الموزعة على الطريق بين أنوال ومليلة، ومَن بقي منهم في مكانه اضطر إلى التسليم، بينما قام المجندون المغاربة في القوات الإسبانية بالانفصال عن تلك القوات والانضمام إلى إخوانهم من رجال الريف، ولم يأتِ يوم 25 يوليو إلا وكان كل الإقليم حتى أسوار مليلة قد وقع في أيدي المجاهدين.
تمكَّنت بقايا من القوات الإسبانية المتقهقرة من الوصول إلى ما يقرب من 40 كيلو متر من مليلة بعد أن فقدت قطع المدفعية ومعظم أسلحتها وذخائرها وموادها التموينية، ثم تعرَّضت إلى الحصار الشديد في مواقعها أمام مليلة من قبل القوات المغربية، فلم تستطع الوصول إلى قاعدتها الرئيسية، وفشلت محاولات القائد العام الإسباني الذي قدَّم إلى مليلة يوم 23 يوليو في إنقاذ بقايا الجيش؛ إذ لم يستطع الإسبان الخروج من المدينة أو الاتصال بالقوات المحاصرة.
وفي النهاية اضطر قائد القوات المحاصرة إلى الاستسلام مع قواته لقوات التحرير المغربية في 9 أغسطس، وحمل القائد أسيرًا إلى الأمير عبد الكريم الخطابي، وطبقًا للمصادر الإسبانية فقد اعترفت إسبانيا بفقد 14772 من جنودها، وفقد 29504 بندقية، و392 مدفع رشاش، و129 مدفع ميدان؛ بالإضافة إلى وقوع 570 جندي في الأسر؛ فكانت هذه هزيمة ساحقة لم تعرف مثلها الجيوش الأوروبية فيما وراء البحار! وترتَّب على ذلك أن شغلت -وبقوة- المسألة المغربية ومشكلة بلاد الريف، الرأي العام في إسبانيا.
في مواجهة الجنرال بيرنجر:
رغم الانتصار التاريخي للأمير عبد الكريم على الإسبان في معركة أنوال، لكنه لم يزحف لاحتلال قاعدتهم في ميناء (مليلة) رغم ما كانت عليه حاميتها الضعيفة، وذلك لافتقار أبناء الريف لوسائل الدفاع البحرية والساحلية.
وفي المقابل: ركَّز الأمير عبد الكريم جهوده على تزويد قواته بالمعدات والأسلحة والذخائر من خلال الغنائم التي حصل -ويحصل- عليها من الإسبان، ومن الأموال التي تسلمها في مقابل إطلاق سراح الأسرى من الإسبان، وحرص كذلك على ضم كل رجال الريف و(الجبالا) إليه لمشاركته في مقاومة الإسبان.
وخلال الأسابيع التالية أرسلت إسبانيا قوة بلغت 60 ألف جندي إلى مليلة بقيادة الجنرال (بيرنجر)، الذي قام بهجوم مضاد في 12 سبتمبر 1921م، لكنه عجز عن احتلال جبل (خورخو) الذي يتحكم في مليلة من الجنوب الغربي إلا في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر، واحتاج إلى شهر آخر لبلوغ خط نهر القرط، ثم احتلال الشريط الساحلي الواقع بين نهري القرط والمليلة قبل نهاية العام.
وفي 10 يناير 1922م احتل (دارداريوس) في أعالي وادي القرط بعد أن بلغ تعداد قواته 150 ألف جندي، واكتفى الجنرال بيرنجر بهذا الحد؛ فأوقف هجومه المضاد على قطاع البلاد الشرقي في مليلة حيث رأى ضرورة إخضاع القطاع الغربي من البلاد قبل الاستمرار في إخضاع باقي القطاع الشرقي؛ خاصة بعد عجز الجنرال عن الحصول على المزيد من الانتصارات الجديدة في مواجهة رجال عبد الكريم الخطابي؛ نظرًا لحاجته للحصول على انتصارات جديدة لإرضاء الرأي العام في إسبانيا لإعادة ثقة الإسبان في قادتهم العسكريين. وكان موقف الإسبان في القطاع الغربي قد ساء؛ خاصة في ظل وجود تعاون مشترك بين رجال الريف ورجال المقاومة في القطاع الغربي.
وكانت قوة من رجال الريف المجهزة بالمدفعية التي سبق الاستيلاء عليها من الإسبان قد قامت في 21 أكتوبر 1921م بالهجوم على المواقع الإسبانية الواقعة على خط المواصلات بين (تطوان) و(شفشاون) بمساعدة من رجال القطاع الغربي، وبعد معارك عنيفة استطاع الإسبان بصعوبة سحب حامياتهم في 19 نوفمبر.
ورغم نجاح قوات الجنرال بيرنجر في (الجبالا) من الاستيلاء على (تازاروت) في القطاع الغربي إلا أن الجنرال اضطر إلى الاستقالة حينما شعر أن حكومة مدريد تنوي التضحية به إرضاءً للرأي العام الإسباني؛ خصوصًا بعد اتهامه بتوريط الحكومة الإسبانية في شمال المغرب.
في مواجهة الجنرال برجيت:
جاء الجنرال (برجيت) خَلَفًا للجنرال (بيرنجر)، فسعى إلى التفاوض مع رجال القطاع الغربي من البلاد حتى يتسنى له تركيز قواته في قطاع الأمير عبد الكريم، وأسفرت المفاوضات التي امتدت من 6 أغسطس حتى 28 سبتمبر 1922 عن قبول الإسبان للجلاء عن (تازاروت)، وقبول دفع تعويضات عما سببته عملياتهم الحربية من أضرار في المنطقة، وقبول نقل جميع الضباط والموظفين الإسبان والوطنيين ممَّن لا يرضى عنهم أهالي المنطقة، وقد قبل الجنرال برجيت كل هذا الثمن الباهظ للتفرغ لمواجهة قطاع مليلة، ورغم إحراز الإسبان لبعض الانتصارات المحلية في القطاع؛ إلا أنهم منوا بهزيمة ساحقة في (تيزي عزة) أوقفت تقدمهم نهائيًّا.
تمكَّن الأمير عبد الكريم في هذه المدة من مدِّ نفوذه إلى كل بلاد الريف؛ فتوحَّدت قبائل شمال المغرب لأول مرة تحت حكومة موحدة، وتم اتخاذ (أجدير) عاصمة لتلك الدولة الجديدة، وهي قرية صغيرة تبعد بضعة كيلو مترات من خليج الحسيمة، الذي كان الإسبان يعسكرون على ساحله الضيق أسفل الجبل.
وقد قام أبناء الريف بتحصين عاصمتهم، وتمكَّنت مدفعيتهم من ضرب وإغراق السفن الإسبانية التي تقوم بتفريغ حمولتها من الذخائر والتموين في الحسيمة، وذلك ردًّا على قرار حكومة مدريد بتطبيق الحصار البحري على سواحل الريف الذي صدر في 18 مارس عام 1922م.
شهد شهر يناير 1923 مفاوضات بين مندوبي إسبانيا والأمير لإخلاء سبيل مَن بقي مِن الجنود الإسبان الأسرى نظير أربعة ملايين (بسيطة) إسبانية، مع إخلاء سبيل المغاربة نزلاء سجون مليلة وسبتة وتطوان، وأغلبهم من المسجونين السياسيين.
وفي صيف 1923م شدد الأمير هجومه على خطوط الإسبان، وفي شهر يونيو شن رجال الأمير هجومًا مفاجئًا على المواقع الإسبانية في (وادي لاو)، الذي يمر فيه الطريق الموصل بين (تطوان) و(شفشاون) في القطاع الغربي، ورغم التفوق العددي الكبير للإسبان؛ فإن جبهة (وادي لاو) انكسرت خلال شهر أغسطس، وقد تمكَّن رجال القبائل من قطع الطريق بين تطوان وشفشاون نهائيًّا، كما استطاعوا محاصرة قوة إسبانية كبيرة بلغت ثلاثة آلاف جندي على مسافة 50 كيلو متر من قاعدتهم، كما قاموا كذلك بقطع الطريق الموصل بين تطوان وطنجة.
وفي أوائل شهر سبتمبر أخذ رجال الريف يهاجمون الإسبان على مسافة لا تبعد أكثر من ثلاثة كيلو مترات من تطوان نفسها التي تعد مقر الحماية الفرنسية.
وفي 29 سبتمبر تمكَّن الإسبان من فك حصار شفشاون بعد معارك استمرت لمدة عشرة أيام، بينما حقَّق أبناء الريف انتصارات أخرى في بلاد الجبالا، وقد انسحب عددٌ كبيرٌ من الإسبان من مواقعهم للعودة إلى مشارف تطوان حيث القوات الإسبانية المدعومة.
وقد تكبَّدت القوات الإسبانية في مدة الستة أشهر الأخيرة من عام 1924م خسائر بلغت 21250 بين قتيل ومفقود وأسير من الضباط والجنود؛ مما ألجأها للانسحاب إلى الساحل، وعرضت حكومة إسبانيا على الأمير الحكم الذاتي تحت الحماية الإسبانية، لكن الأمير رفض، طالبًا استقلال دولته وانسحاب الإسبان منها، ودفع إسبانيا تعويضات عن خسائر سنوات الحرب.
من جديد نجحت القوات الإسبانية في إعادة فتح الطريق بين طنجة وتطوان، واستخدامه كممر بين الثوار المغاربة، مع تطويق منطقة طنجة لمنع القبائل الثائرة من بيع محصولاتها فيها أو شراء حاجاتها الضرورية، كما قامت أيضًا بحصار (الإنجارا) في آخر شهر يناير 1925م، وقامت بضرب القرى بقنابل الطائرات.
في المقابل: استمر الأمير عبد الكريم في تدعيم سلطته ومد نطاق دولته في منطقة الجبالا، وفي شهر مايو 1925م بدأت المفاوضات للوصول إلى هدنة، على أساس وقف القتال وعدم تحرك القوات أو الحاميات الإسبانية من مواقعها، ولكن هذه المفاوضات انقطعت ولم تستمر.
توغل فرنسا في بلاد المغرب:
في أوائل عام 1924م قامت القوات الفرنسية بالتقدم في منطقة نفوذها في بلاد المغرب المتفق عليها من قبل مع إسبانيا، فقامت باحتلال إقليم (وزان) الواقع في السهول المطلة على المحيط الأطلسي والمجاور للحد الغربي للمنطقة الإسبانية؛ هذا في الوقت الذي كان الفرنسيون يسيطرون فيه على ممر (تازا) الذي يفصل قبائل الأطلس عن قبائل الريف الثائرة، ويسعون للوصول إلى منطقة أعالي وادي (الورغة) التي تقع بين وازان وتازا وإلى الشمال من فاس؛ خاصة في ظل عدم وجود الرسم النهائي بين المنطقتين: الفرنسية والإسبانية هناك.
اتفقت فرنسا بعد احتلال ما يخصها في منطقة نفوذها في المغرب مع القيادة الإسبانية، أن تتقدم قوات كل منهما من الجنوب ومن الشمال لاحتلال المنطقة المشتركة بينهما، وبالفعل تقدَّم الفرنسيون في شهر مايو 1924م، وعبروا نهر (الورغة) دون التعرض لأي مقاومة، ثم تمكَّنوا من صد محاولة من أبناء الريف لتطويق المنطقة.
ونظرًا لانسحاب القوات الإسبانية إلى الساحل لم تتصل القوات الفرنسية المتوجهة شمالًا بأي قوات إسبانية، بل وجدت نفسها في مواجهة الثوار من أبناء الريف، فوقعت عمليات كثيرة بينهما ذاقت فيها القوات الفرنسية مرارة الهزيمة؛ لذا قرَّر الفرنسيون إنشاء خط دفاع ثابت للدفاع عن منطقتهم في مواجهة أبناء الريف، ثم تقدَّم الفرنسيون في سبتمبر 1924م في اتجاه شمال الورغة، وفي اتجاه الركن الشمالي الشرقي للمنطقة الإسبانية، لمطاردة أهل الريف داخل الحدود الإسبانية.
صمم الأمير عبد الكريم على تحرير المناطق التي احتلتها فرنسا خلال عام 1924م، لكن لم تكن فرنسا لتقبل أن يهدد الأمير نفوذها في شمال إفريقية، ولم تكن لتقبل التراجع عما حصلت عليه في المغرب الأقصى، بل سعت لمد النفوذ الفرنسي إلى أقصى درجة ممكنة؛ لذا كان لا بد من وقوع الصدام بين المعسكرين، وهكذا قبل أن يسوي الأمير نزاعه مع إسبانيا، أصبح كذلك في مواجهة مع فرنسا التي كانت في ذلك الوقت أكبر دولة حربية في العالم الغربي.
وكان احتلال فرنسا لأعالي نهر الورغة يجبر الأمير عبد الكريم على مواجهتها؛ فوادي الورغة هو المورد الأساسي للغلال لأهل الريف، وكانت القبائل التي تسكن أعالي الوادي قد قَبِلَت الانضمام لدولة الأمير؛ خاصة وقد عَمِل من قَبْل على تحريرهم من الإسبان، كما أن عددًا من أهالي قبيلة الأمير كانت تسكن المنطقة؛ كل ذلك أوجب على الأمير مواجهة فرنسا وإسبانيا معًا في وقتٍ واحدٍ وجهًا لوجه.
مواجهة فرنسا:
في 13 أبريل 1925، بدأ هجوم رجال الريف على القوات الفرنسية في المغرب الأقصى والتي بلغ عددها 72500 جندي، واستطاع الثوار التوغل في الخطوط الفرنسية وإثارة بعض القبائل خلفها، وقد تأزم الوضع في قطاع (تازة) حين حاول رجال الريف الوصول إلى المناطق التي لم تكن قد خضعت بعد للفرنسيين جنوب المدينة، والوصول كذلك إلى منطقة الأطلسي، ولكن لم تكلل جهود رجال الريف بالنجاح بعد خوض معركة عنيفة (معركة تازا)، لكنهم تمكَّنوا من قطع السكة الحديد في المنطقة الواقعة بين تازا وجرسيف.
أثارت انتصارات الأمير عبد الكريم الرأي العام في فرنسا، فتم تغيير القيادة الفرنسية وزيادة إمداداتها، والعمل على التعاون مع الإسبان في المغرب الأقصى.
التعاون الفرنسي الإسباني:
سعت فرنسا منذ شهر يوليو 1925 للتعاون مع إسبانيا وتوحيد مجهوداتهما في مواجهة الثورة التحررية في شمال المغرب، وكان الرأي العام الإسباني في ذلك الوقت متقبلًا للتعاون مع فرنسا بعد هزائم إسبانيا المتكررة، وخسائرها الكبيرة في منطقة الريف، كما أن الانتصارات التي سجَّلها الثوار ضد القوات الفرنسية، جعلت فرنسا أيضًا تسير في اتجاه توحيد القوتين في مواجهة الثوار.