كتبه/ عبد العزيز خير الدين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمِن أخطر القضايا العصرية التي لها تأثير على الأسرة والمجتمع: ظاهرة الخلافات الزوجية المستمرة، والتي تنعدم فيها الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة، فتبدأ بالاكتئاب، والتوتر، وعدم الاستقرار، وإهمال الواجبات المنزلية، وتدهور الوضع الاقتصادي للعائلة، فتنتهي إما بضياع الأبناء والطلاق، أو الهروب من الخلاف بالوقوع في خطا أكبر بجريمة يرتكبها أحدهما دون وعي أو إدراك.
ومن الأسباب التي تقف وراء الخلافات الزوجية: ضياع وفقدان الانسجام، فيؤدي إلى غياب التفاهم والأنانية، وغياب التواصل، والندية، والعناد بين الزوجين.
ومن أخطر الأسباب انتشارًا: السماح بتدخل الآخرين في الحياة الزوجية، ونشر كل واحد منهما سر الآخر، رغم أن كلَّ واحدٍ منهما يرى ويطلع ويعلم من الآخر ما لم يطلع عليه أقرب الناس، قال تعالى: "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا"، كما أن كلَّ واحد منهما يفتقد لأهم ضابط وهدف من الحياة الزوجية، وهو السكن والمودة والرحمة، قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".
فليست الزوجة سلعة تُشترى لتَخدِم؛ فإن عجزت أو قصَّرت تُقابَل بالقسوة والإهانة! ولا الزوج مجرد صراف آلي ينفق عليها، فإن ضاق به الحال زادته همًّا وغمًّا وكربًا! بل العلاقة بينهما يجب أن تبنى على التشاور، والتفاهم، والترابط، وكل واحد منهما يقدِّم تنازلات ولا يقلل من شان الآخر، ويحاول جاهدًا إرضاءه، ويتحمل دوره الذي خلقه الله له، فقد أمر الله عز وجل الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف، فقال تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"، وقال أيضًا للنساء: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".