كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أنواع الكذب:
مِن المهم جدًّا معرفة أنواع الكذب كما ذكرها علماء النفس؛ حتى نستطيع التعامل الصحيح مع كلِّ نوعٍ دون التباس.
1- الكذب الخيالي:
وهذا يمارسه الطفل عندما يعيش في عالم الأحلام والكرتون، فيتخيل عالمًا خاصًّا به، ويظل يحكي عنه، وهذا كذب، وإن ادَّعى بعض علماء النفس أنه كذب محمود، ودليل على قدرته الإبداعية، وأنه ينبغي أن يُفسح له المجال في التأليف المسرحي والتمثيل، ونحو ذلك، وهذا في الحقيقة نوعٌ مِن الكذب المحرَّم الذي ينبغي أن يُعالج عند الطفل؛ فإن التأليف القصصي مشروط بأن تكون القصة واقعية، ومنها فائدة.
أما أن يُترك للطفل أن يعيش في عالم الخيال فسيكبر بخياله هذا المخالف الواقع، ويظل ينسج قصصًا وأكاذيب من خياله؛ ليتهرب مِن واقعه ومسئولياته.
2- الكذب الالتباسي:
عندما يلتبس عليه الخيال بالواقع، يختلق قصة خيالية، وعلاج ذلك من الوالدين بأن يُفرِّقا له بين الحقيقة والخيال.
3- الكذب الادعائي:
وهو ادّعاء ما ليس فيه -مبالغة-، وينشأ غالبًا من شعور الطفل بنقص فيه، وهذا يحدث عندما يُوجد الطفل في بيئة مخالفة لبيئته، أو يكون بين أطفال؛ كلٌ يتحدَّث عن حاجياته وأهله بتفاخر، ونحو ذلك.
وعلاج ذلك: تجنيبه مخالطة مَن ليس مِن طبقته الاجتماعية، وتربيته على الرضا والقناعة التي هي الغِنَى الحقيقي، وكثرة حمد الله تعالى على نعمه، وأن ينظر في أمر الدنيا دائمًا إلى مَن هو أقل منه، حتى يشكر نعمة الله تعالى ولا يحتقرها.
وأن يعزَّز الوالدان الجوانب الطيبة عنده، وأن كل إنسان عنده جوانب إيجابية، وجوانب سلبية، فينبغي له أن يعزز الجوانب الإيجابية فيه، وأن يعالج الجوانب السلبية عنده.
4- الكذب الأناني:
وهو كذب غرضه تحقيق رغبة شخصية لديه، ولعل سبب ذلك يرجع إلى الحرمان؛ فيلجأ إلى هذا النوع من الكذب ليتحصّل على ما يريده.
مثلًا يقول: المدرسة تحتاج إلى كذا من المال لتزيين الفصل أو لإجراء حفلة ونحو ذلك؛ ليتحصل على المال لنفسه، وهذا غالبًا يكون سببه الحرمان، والوقاية دائمًا خيرٌ من العلاج، وهو عدم تعريضه للشعور بالحرمان.
5- الكذب الانتقامي:
يكذب ويدَّعي لينتقم من طفل بعينه، والدافع لذلك هو الغيرة أو أنه مميَّز عليه.
وعلاج هذا: عدم لجوء الأبوين إلى تفضيل ولد على الآخر، فالعدل أساس المحبة بين الأولاد، ومع ذلك قد يُوجد هذا الشعور؛ فيحتاج إلى مزيد عناية لعلاج الغيرة عنده، وهذه مشكلة سنتناولها فيما بعد بالتفصيل.
6- الكذب الدفاعي:
يكذب ليدفع عن نفسه العقوبة أو اللوم، وهذا يلجأ إليه الطفل عندما يمارس الأبوان دور المحقّق، والأفضل هنا هو: جمع الحقائق بعيدًا عن المواجهة المباشرة مع عرض المساعدة، فمثلًا: علم الأب أن ابنه راسب في امتحان الشهر، فيقول: إن الأستاذ قد هاتفني وأخبرني أنك قد رسبت في امتحان الشهر، وهذا أقلقني للغاية، وحزنت لحزنك؛ لأني أعلم أنك تحب التفوق؛ فكيف نعوّض هذه الخسارة في الشهر القادم إن شاء الله؟ هل تحتاج إلى تقوية من مدرس؟ ونحو ذلك مما يجنبه الكذب، ويحبب عنده شعور التفوق، والحزن على نفسه أنه قد قصَّر حتى تنال هذه الدرجة غير المرضية.
7- الكذب العنادي:
وهو شكل مِن أشكال التحدي للسلطة، وهذا يُعالج برفق وهدوء كما سبق وأن بيَّنا تفصيلًا في علاج مشكلة العناد.
الأسباب:
- قد يلجأ الطفل للكذب لسدِّ فراغ نفسي عنده مِن ادِّعاء تفوّق أو عمل بطولي ونحوه؛ خاصة إذا كان قرناؤه بهذه الصفة، أو يتفاخرون بمفاخر ليست عنده.
- أو لإضحاك أقرانه وأهله بما يُعرف بالنكت، أو تمثيل الأدوار؛ لينال المنزلة عندهم، وليسمع مدحه منهم.
- وقد يلجأ للادعاء باتهام بعض إخوانه أو أقرانه بما ليس فيهم؛ ليرى عقابهم؛ إما غيرة أو عدوانية في نفسه.
- عدم ثقة الوالدين في كلامه.
- وعمومًا، فسبب الكذب إما مهانة الشخص في نفسه، أو عادة سوء تعود عليها، أو قِلَّة أدب وتهذيب من الوالدين.
قال الشاعر:
لا يكذب المرءُ إلَّا مِن مهانتِه أو عادةِ السوءِ أو من قِلّةِ الأدبِ