كتبه/ حسن حسونة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمِن الثمار المُرَّة التي يجنيها المجتمع بسبب غفلة الآباء والأمهات عن دورهم في رعاية أبنائهم: خروج الولد بلا هوية معلومة؛ فإن سألته عن دينه لا يعرف، وعن نبيه لا يدري، وعن القرآن لا يفقه! فلا يعرف من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، حاله كحال مَن يُسأل في القبر عن ربه ودينه ونبيه، فيقول: ها ها لا أدري -عياذًا بالله-.
ويزداد الأمر سوءًا بشرب المخدرات والمسكرات، وفعل المنكرات؛ ليصبح ألعوبة في يد الشيطان اللعين يوجهه كيف يشاء إلى الخراب لا العمار، يصبح عرضة لأساليب الإغراء من العدو المتربص بأمتنا دائر بين المواقع الإباحية، والأفلام الداعرة، والمسلسلات الساقطة، هذا وأكثر مما يجنيه المجتمع من التساهل في الرعاية والمسؤولية تجاه فلذات الأكباد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فانتهز الأعداء المتربصون بهذه الأمة المباركة المرحومة هذه الغفلة؛ فأتوا بجميع أساليب التغريب التي تطمس هوية أولادنا، وظهر ذلك من خلال برامج موجهة خصيصًا للأطفال، ومن خلال أفلام ومسلسلات كرتونيه تهدم كل ما هو نفيس في نفس وفطرة الولد الصغير.
جاءت هذه البرامج لهدم قضية العبودية، وقضية بعثة الرسل والأنبياء، وهدم قضية الثواب والعقاب، والجزاء، والجنة والنار، وذبح العفة والطهارة في نفس الصغير، بقصص تقوم على الحب والغرام والقبلات، فيذهب الصغير ليحاكي ويطبق ما رآه مع زميلاته!
تغريب ... من خلال نزع ثوابت الدين، وقضية الحلال والحرام، ويخططون في الخفاء، ويمكرون ويمكر الله.
تغريب ... من خلال نبذ القدوات الصالحة في المجتمع، وإحلال السفهاء والرويبضة ليكونوا في أعين أبنائنا قامات يقتدَى بهم! نسأل الله السلامة والعافية.
تغريب ... من خلال بث معانٍ مناقضة للإسلام: كمبدأ التسوية بين المسلم وغيره في الدنيا، والمعاد، والحساب والجزاء، والله يقول: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ . مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (القلم:35-36)، قضايا كبرى تعرض بمنهجية واضحة ظاهرة لكلِّ ذي لب، فاعتبروا يا أولي الألباب.
أما عن منظومة التربية:
فمنذ عهدٍ قريبٍ كانت هذه المنظومة متكاملة مترابطة متلاحمة، الكل يصب في شيء واحد، فالبيت يربي ويوجه، والأقارب كذلك، والعم والعمة، والخال والخالة؛ الكل يقوم بالتوجيه، وكذلك المسجد ودوره في التعليم والتأديب، حتى الجيران والشارع فيه من التوجيه، ومنظومة التعليم تقوم على التربية أولًا، ثم التعليم منظومة متكاملة، والكل يصب في اتجاه واحد هو إخراج جيل نافع للمجتمع بكل المقاييس.
ولكن للأسف اختلت المنظومة بصورها، فإن رجل البيت يخشى إن خرج الولد للشارع أن يلتقط أقبح الألفاظ وأسوأ الفعال، وإن ذهب إلى الأقارب وُجِد الخلل، وإن جاء المدرسة وجد وكأننا في أزمة أخلاق وسلوك يحتاج لتقويم، حتى المسجد لم يعد دوره كسابقه، فأين حلقات التحفيظ ودروس التوجيه وضبط السلوك والأخلاق؟
فما على المسلم إلا أن يحتمي بالله ويتضرع له، ويدعوه أن يحفظ له أولاده في خِضَم هذه الفتن المتشابكة شبهات كانت أو شهوات، كما جاء على لسان الخليل: (?وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) (إبراهيم:35)، وعلى لسان الصالح المؤمن: (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الأحقاف:15).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.