حكم هبة الأب لأولاده شققًا متفاوتة في قيمتها دون عقود تمليك
السؤال:
هناك فتوى نشرت على موقع صوت السلف فيها: أن شخصًا توفي وترك عقارًا عبارة عن خمسة طوابق، الطابق الأرضي به زوجته، ولكل ولد من أولاده طابق خاص تزوج فيه، ولم يتم تمليك هذه الشقق للورثة بحياته، ولكن الآن يريد الإخوة بيع شققهم وهذه الطوابق متفاوتة في السعر، فكان جواب الشيخ: (فيتم بيع العقار بالكامل أو تقييمه، ويُقسَّم الثمن عليهم بحكم الميراث؛ لأنهم لم يتملكوا هذه الشقق، ولو كان كتبَ لهم عقود تمليك مع تفاوتها؛ لكان جورًا ولوجب ردها ثم إعادة تقسيم الميراث بالعدل الذي شرعه الله).
والسؤال:
1- لماذا لم يعتبر الشيخ أن هذه هبة أصلًا، خصوصًا وأنهم سكنوا في هذه الشقق في حياة الأب، فنحن في بيتنا على مثل هذا الحال، فقد بنى الوالد لنا للأولاد والبنات شققًا وكل واحد منا من الذكور والبنات يسكن في شقته في حياة الوالد "لكن دون عقود تمليك" (وهناك أخت لي لم تتزوج لها شقة فارغة، وكلنا نعرف ونقر أن لها شقة مثلنا في البيت بناءً على رغبة الوالد)؟
2- هل عقود التمليك هي المؤثرة في هذه المسألة أم العبرة بعدم حصول خلاف وتنازع بين الإخوة الذكور أن يرث مثلهم الإناث؟ وهل إذا حصل تراضٍ من الورثة كلٌّ فيما سكن فيه أنه حقه، ولم يطلب مثل هذه التسوية أو أن يختلفوا عليها، يختلف الحكم بسبب ذلك في هذه الحالة؟
3- إذا كان هناك تراضٍ في حياة الوالد ثم بعد وفاته طلب أحد الإخوة أن يتم التوريث بالشرع، وأن يكون للبنت نصف الولد (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (النساء:11)، فهل يكون هذا من حقه أم يكون آثمًا؛ لأنه كان راضيًا في حياة والده؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فالهبة لا بد فيها مِن عقدٍ واضحٍ يدل على التمليك، وعدم كتابة عقود بأسمائهم دليل على عدم عقد الهبة، ثم إذا كان هناك تفاوت في القَيَم؛ فلو افتُرِض وجود عقد هبة؛ لكان جَوْرًا لعدم العدل، وكثيرًا ما تحرم البنات مِن ذلك؛ لكونهن يتزوجن خارج المنزل غالبًا.
2- إذا حصل تراضٍ من الجميع دون حرج ولا حياء، ورضوا بالتفاوت؛ جاز ذلك.
3- إذا حصل التراضي في حياة الوالد على الهبة المتفاوتة، وكانت الألفاظ صريحة في الهبة أو وجدت عقود؛ فليس لأحدٍ أن يرجع عن ذلك؛ لأنه بمنزلة العائد في هبته؛ لأنه تنازل عن الزيادة التي يستحقها، إذا كان قد أخذ ناقصًا فليس له الرجوع؛ فضلًا أن تكون هبة صريحة طوال حياة الوالد بالتساوي بينهم؛ هذا هو الواجب.