كتبه/ مصعب أمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبالتزامن مع النسخة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، المقام أثناء قراءتك لهذا المقال، ولمدة أيام متتالية، أجد الفرصة سانحة لأتشارك معك بعض الإشارات؛ خاصة إذا كان قد توافر لديك الاستعداد لتكون أحد زوار المعرض هذا العام.
ونبدأ مِن أهمية التذكير بموضع هذه الزيارة في عقليتك الإصلاحية أولًا؛ فبجولة سريعة في ذاكرة الأمة سنمر كثيرًا على ارتباطٍ شديدٍ لأعلامها "السلف منهم والخلف أيضًا" بالكتب؛ طلبًا وبحثًا، وكتابة وقراءة، ومِن الاقتداء الجيد اليوم أن تعود هذه الصحوة فينا مرة أخرى.
ومما لا يحتاج مزيد تأكيد أو توضيح، أن مثل هذه المناسبات الثقافية مشهودة ومجموع لها الناس، وإذا كانت القراءة -كما نردد دومًا- قد احتلت مرتبة متقدمة في حضارتنا الإسلامية بشكلٍ عامٍّ ولطلبة العلم خاصة، فإن أهل مثل هذا الشأن أحرى الناس بأن يتقدموا صفوف معارض الكتب، ويكونوا في طليعة رواد مناسباتها.
ويتعاظم اليوم -وبأكثر مِن أي وقتٍ مضى- على مستوانا الخاص: أهمية الالتحام الثقافي لأبناء رؤيتنا الإصلاحية بأصولها وتراثها العلمي والفكري، ولا يتعارض هذا أيضًا مع تنمية معارفهم ومهاراتهم وسلوكياتهم في جوانب أخرى، بل ربما كان ضرورة في حق بعضهم.
والمصلح في أي مكان أو زمانٍ له دور، وهو إن لم يكن في مثل هذه المناسبات عارضًا للكتب أو جامعًا، فإنه يحتاج إلى استغلالها في تجديد ثقافته بالواقع مِن حوله، بماذا يشغل أفراد مجتمعه فيه؟ وما يجذبهم؟
سيتأمل في زيارته: نوعية رفوف الكتب هذه التي تمتد إليها الأيادي القادمة مِن صفوف الشباب، والرجال والنساء، وتتكشف له أيضًا مِن هنا وهناك مواطن القصور في مكتبتنا الإسلامية، فيضطلع بدوره إرشادًا وتوجيهًا لأولي الأقلام، وللرؤى نحو هذا.
والكتب بما حوته هي ضلع كبير في قاعدة هذا الصرح الإسلامي -إن صح التعبير- وفي معركة الفكر العصرية، فإن الإصلاحيين معنيون أكثر مِن غيرهم بالعودة إلى جذورهم وتراثهم.
كما أنهم معنيون أيضًا بتشجيع العودة إلى الكتب؛ إذ إنها واحدة مِن عوامل الإصلاح في هذا الصراع؛ إذ إنها سفيرتهم إلى الفَرْد وعلى صلةٍ مباشرة به، وهم مخاطبون في ذلك بالاهتمام بمكتبتهم الإسلامية تنويعًا وترويجًا.
معرض الكتاب فرصة لك: بدعوة أحدهم لزيارته، أو دلالة آخر فيه على المكان الأنسب والكتاب الأفضل الذي يبحث عنه، أو الأخذ بيد شاب إلى القراءة بإهدائه واحد مِن حقيبتك، أو لعله يكون بدايتك أنت مع القراءة.
والكثير مِن التجارب قائلة لنا: إنه متى اقتطع الناس وقتًا مِن يومهم للقراءة، حتى جعلوها عادة يومية في حياتهم، صار لهم شأن في مجال اختصاصهم أو اهتمامهم في غضون سنوات، وكم هي عديدة اليوم بأكثر مِن ذي قبْل تلك المجالات التي تحتاج الأمة فيها إلى وعي أبنائها وسعيهم.