كتبه/ أحمد حمدي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فيروي لنا هذه القصة إمام مسجد في أحد المراكز الإسلامية في أحد الدول الأوربية، يحفظ القرآن ويعطي بعض الآداب والأخلاق لأولاد المسلمين في هذا البلد، فوجد بنتًا تواظب على الحضور يوميًّا لا يعرف أهلها، وعندما خرج مِن المسجد وجد أمام المسجد امرأة في غاية التبرج لا يظهر عليها ملامح الإسلام مطلقًا تنتظر الطفلة أمام المسجد كل يوم!
فتعجب مِن ذلك، وحدث له استغراب مِن هذا الفعل والصنيع! وثارت تساؤلات عنده؛ فقرر أن يسأل عن سر ذلك، ففي أحد الأيام سأل هذه المرأة عن سبب الإتيان ببنتها إلى المركز الإسلامي؟ فقالت: إنها نصرانية!
فقال: ما السبب أن تأتي بابنتك إلى مركز إسلامي؟!
قالت: إن لها جارة مسلمة ترى بنتها تقبل يدها وتعاملها ببر وإحسان ورفق، وجارة أخرى مسلمة كبرت وأولادها يترددون عليها لخدمتها فرغبت أن آتي بابنتي إلى المركز الإسلامي حتى تتعلم الآداب التي تجعلها تعاملني معاملة حسنة، وعندما أكبر لا يضعوني في دار مسنين ويهجرونني حتى أموت!
قلتُ: سبحان الله!
انظر إلى هذا الخلق العظيم في الإسلام مِن الإحسان وبر الوالدين، والوفاء الذي قرن الله بينه وبيْن إفراده في العبادة والتوحيد، والنهي عن الشرك في غير موضع في كتابه، واهتمام الإسلام بفضل هذه العبادة بعد الصلاة على وقتها، وربما قدمت على جهاد الطلب، وأنها مِن أعظم أسباب دخول الجنة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما صعد على المنبر: (آمِينَ) ثلاثًا، وفي أحدها قال: (أَتَانِي جِبْرِيلُ، فقَالَ:... وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُما فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ) (رواه ابن حبان، وقال الألباني: حسن صحيح).
ومِن رحمة الله أن يجعل البر يستمر بعد الموت إذا قصر أو فرط الإنسان في حياته حتى يجد مستعتب، فالجزاء مِن جنس العمل، وهذا البر أو العقوق مستمر في حياتك قبْل مماتك؛ فإن مَن برَّ والديه بره أبناؤه.
فانظر إلى عظم الإسلام وشعائره، وانبهار الغرب مِن ذلك!
كذلك يحكى أحد الإخوة أنه كان في "أوغندا"؛ فدعا أحد النصارى اسمه مايكل للإسلام، فأسلم بدون مناقشة طويلة، فقلت له: ما السبب الرئيسي الذي جعله يدخل الإسلام؟ قال: صلاة الجمعة؛ كلما رأيت المسلمين وددتُ أن أكون معهم، وكذلك لبس المرأة المسلمة عندكم فيه حشمة ووقار، وتمنيت أن تكون النساء كلها كذلك!
فلو تتبعنا الكثير ممَن أسلم لماذا أسلموا؟ سنجد العجب، ونعرف نعم الله علينا بنعمة الإسلام والقرآن، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، فنشكره بالعمل بآدابه وتعاليمه، ونشره بيْن الناس والدفاع عنه، والتخلق والتأسي والاقتداء به حتى نكون صورة طيبة للإسلام قدوة ودعوة للناس بالسلوك والعمل.
نسأل الله -عز وجل- أن يرحم آباءنا وأمهاتنا، وأن يغفر لهم، وأن يعتق رقابنا ورقابهم مِن النار، وأن يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى مِن الجنة.