حول تصحيح الأحاديث وتضعيفها
السؤال:
1- إذا كنتُ طالب علم، لكن لا دراية لي في علم الحديث بالصحيح مِن الضعيف إلا مِن كلام العلماء: كالشيخ الألباني -رحمه الله- الذي تكون معظم الكتب المعاصِرة تعتمد على تحقيقاته وحكمه على الأحاديث النبوية الشريفة، وأنا أذكر درجة الحديث في الخطب والدروس، لكن ماذا لو أعجبني حديثًا صححه الحافظ ابن حجر أو حسَّنه الشيخ أحمد شاكر مثلاً، وكان الشيخ الألباني يضعفه أو العكس، فهل يجوز الاستدلال والاحتجاج به أم يلزمني على الدوام تقليد الشيخ الألباني في كل أحكامه فيما صححه وضعفه؟
فأنا أخشى أن أكون بذلك متبعًا للهوى مع العلم أني أرى العلماء يصنعون في كتبهم الذي أصنعه؛ فقد يكون الكتاب كله بتحقيق الشيخ الألباني ثم عند الحديث الذي يضعفه الشيخ الألباني يذكرون مَن صححه مِن غيره مِن العلماء كالحافظ ابن حجر أو غيره، فهل كل هؤلاء مخطئون في هذا الصنيع؟ وهل هذا الذي أفعله ويفعلونه يعتبر اتباعًا للهوى؟!
2- أيضًا سألني أحدهم سؤالاً وهو: ما معنى أن يُقال: إن هذا الحديث صححه الألباني؟ هل معنى هذا أن الحديث كان ضعيفًا وصححه هو فتغير حكمه بعد أن كان ضعيفًا أم ماذا؟ وجزاك الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فنعم، يجوز لك الاحتجاج بحديث صححه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أحد أئمة الأمة في هذا الشأن، ولو ضعفه الشيخ الألباني، وكذا الشيخ أحمد شاكر -رحمهما الله-، ولا يلزم التقيد في التقليد في هذا الباب بما قرره الألباني؛ لعدم الدليل على لزوم تقليد عالم بعينه، ولكن ليس الإعجاب الشخصي بالحديث هو المعيار، بل صلاحية العالِم الذي تقلده لهذا الشأن، وهذا التقليد في هذه الحالة ليس اتباعًا للهوى، وتقليدك لمن هو أوثق في نفسك في هذا الشأن عند الاختلاف هو الذي يلزمك، ولا أظن أحدًا ينازع أن ابن حجر -رحمه الله- أعلى منزلة.
2- فمعنى ذلك أن الإسناد لم يكن أحد قد بحث فيه قبْل ذلك ليعلم أصحيح أم ضعيف؟ فجاء الألباني فبحث في الإسناد واجتهد؛ فأصدر حكمًا بالصحة أو بالضعف على أحاديث لم يكن معلومًا صحتها مِن ضعفها، وفي بعض الأحيان يكون هناك اختلاف واجتهاد قد يخالف الألباني -رحمه الله- فيه غيره، أو يكون الحديث قد ضعفه بعض العلماء.
ومع اتساع الطباعة الحديثة ووسائل نشر العلم يكون قد اطلع الألباني أو غيره على طرق أخرى للحديث لم يكن اطلع الذي ضعفها عليها فيصحح الحديث بناءً على هذه الطرق.