حول حديث: (يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ)

السؤال:

سألتني بعض الأخوات أسئلة محيرة جدًّا، وأنا أخشى على هذه الأخت وعلى نفسي مِن الشكوك والوساوس -ربنا يثبتنا-، فأرجو مِن فضيلة الشيخ الجواب على هذه التساؤلات، وهي:

1- في الحديث الشريف عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: (الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا، اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ، ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ) (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح)، فهذا الحديث معناه أن ضعيف الإيمان يبتليه الله على قدر إيمانه في حين أننا نرى أناسًا مِن المسلمين يُبتلون في الدنيا لدرجة أنهم ينتحرون مِن الهم والفقر، والمرض والتعذيب، رجالاً ونساءً؛ فما تفسير ذلك والحديث يدل على أن ضعيف الإيمان الذي لا يحتمل البلاء لا يعرضه الله لهذا البلاء الذي لا يتحمله؟

2- في الحديث أيضًا أن أشد الناس بلاءً (الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ) في حين أننا نرى أشخاصًا ضعاف الإيمان جدًّا من المسلمين -ومِن الكفار كذلك- يعذبون العذاب الرهيب الأليم، وربما أشد من بلاء الأنبياء والصالحين؛ فكيف ذلك مع هذا الحديث الشريف؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فضعيف الإيمان الذي يعبد الله على حرف مفرِّط ومقصِّر في الواجبات الظاهرة والباطنة؛ فيُمتحن فيفشل في الامتحان، فالذنب ذنبه أولاً وآخِرًا، ولا يظلم ربك أحدًا، وأما الحديث فهو خطاب للكُمَّل مِن المؤمنين إذا رأوا بلاءً زائدًا لم يتزعزعوا ولم يبدِّلوا، بل يصبرون ويثبتون مع زيادة البلاء.

2- البلاء في قيادة الأمة، واتخاذ القرارات المصيرية مِن أعظم أنواع البلاء، ومعالجة الموازنات التي عالجها الأنبياء مع الصبر والثبات على الحق أعظم أهمية وأعظم بلاءً، وأعظم خطرًا مِن الألم الحسي والبدني الذي يصيب كثيرًا من الناس.