السؤال:
استمعتُ لمقدمة درس "قضايا الكفر والإيمان" لفضيلتك، لكن بقيت الرؤية عندي ضبابية وغير واضحة؛ إذ لم أستطع التفرقة بيْن "القطبية" و"السرورية"، نعم فهمتُ أنه حصل تزاوج بيْن فكر "محمد قطب" وفكر "محمد بن سرور"، لكن لم أفهم هل هناك فرق بينهما أم لا؟ وإن لم يكن هناك فرق؛ فلماذا سميت هذه "قطبية" وهذه "سرورية"؟
أرجو مِن فضيلة شيخنا المفضال د."ياسر" أن يبيِّن لنا هذه المسألة، وجزاك الله خيرًا، وبارك فيك شيخنا الكريم.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالسرورية فكر قطبي نشأ في بيئة سلفية؛ فانصبغ بكثير مِن قضايا السلفية، وأخذ أصحابه بنصيب مِن العلم أوفر من نصيب قرنائهم الذين لم ينشأوا في بيئة سلفية، لكن بقيت مسائل خطيرة لديهم تجعلهم يقتربون مِن أصل الفكر أو -على الأقل- لا يحددون موقفًا واضحًا مِن هذه المسائل تسمح بأنواع مِن الانحراف.
فهم وإن لم يصرِّحوا بالتوقف والتبيُّن، ولم يذكروا "الطبقة المتميعة" التي لا نشغل أنفسنا بالحكم عليها، لكن كثيرًا منهم أو أكثرهم يعتمد مسألة "تارك جنس العمل" كأصل يتهم مَن خالفه فيها بالإرجاء!
ومنهم مَن يقول بأن حقيقة "تارك جنس العمل"، و"تارك المباني" أنه مجهول الحكم أو محل بحث ودعوة ونظر، وعامتهم يكفره، ولا يرى الخلاف في تكفيره سائغًا!
ومنهم مَن غلا جدًّا حتى جعل المخالف لهم فيها مِن غلاة المرجئة الكفار! كصاحب كتاب "البرهان على أن تارك جنس العمل فاقد لأصل الإيمان!".
وكذلك الموقف مِن قضية ما يُسمى بـ"المجتمع الجاهلي"، وقضية الحكم على الناس فيه، وعدم رد بدعة التكفير أو التوقف، وكذلك الإجمال المخل، بل الإبهام في تفاصيل مسائل الولاء والبراء، وما يكون منها كفرًا، وما يكون منها معصية مع إمكان ضبط ذلك، وما يكون مِن الأمور الجائز التعامل فيها مع الكفار.
والخلط بيْن هذه المسائل أدى إلى ما نراه مِن موقف غالٍ منكَر في الأحداث الأخيرة، وجرأة عجيبة على التكفير والحكم بالنفاق على مواقف لا يمكن أن تخرج عن نطاق الاجتهاد في تقدير المصالح والمفاسد.
والأحداث الأخيرة أظهرت بوضوح وجلاء حقيقة الانتماءات وطريقة التفكير، ومحاولات هدم الكيانات والرموز الدعوية التي لا تنتمي لهم، ولا تقبل بالانطواء تحتهم، وقبول الطعن، بل ومباشرته بأعنف ما يكون دون تثبت! ودون مجرد السماع لحقيقة مواقف غابوا عنها، وليس عندهم مِن علم بها؛ إلا مِن الإعلام الكاذب بأنواعه!