الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 - 4 جمادى الثانية 1447هـ

العقيدة اليهودية والسيطرة على العالم (5) بروتوكولات حكماء صهيون

كتبه/ مصطفى حلمي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإذا بدأنا بتعريف بروتوكولات حكماء صهيون: فإنَّ الأقرب إلى الدقة وصفُها بأنَّها مجموعة من المبادئ الأساسية الإستراتيجيَّة، ولا يمكن تغييرها بحال، يُزيِّنون بها -أي: اليهود- تنفيذَهم العملي. (حقيقة اليهود، فؤاد بن عبد الرحمن الرفاعي، ص: 27، دار القسام بالكويت - رجب 1406هـ).

وهذه البروتوكولات -بالرغم من عدم الترابط الظاهر بين بنودها-؛ إلا أنَّ الدارس لها بمنهج تحليلي يتضح له في النهاية أنَّها اتَّخذت شكل نسق متكامل وتضمَّنت خطة عمل مترابطة ترمي إلى إيقاع الأمميين -أي: غير اليهود- في شباك النفوذ اليهودي، ووضعت السبل التي تُحاصر فيها الأمميين في كافة أوجه أنشطتِهم وصنوف حياتِهم، أي: حياة الفَرْد ومعتقداتِه وسلوكياتِه، وحياة المجتمعات ونظمِها الاقتصاديَّة والسياسيَّة والتربويَّة والثقافيَّة.

كذلك تبدو الصِّلات واضحة بين بعض نصوصها، ومحتويات التلمود والتنظيمات الماسونية، وإلى القارئ بعض الشواهد:

إنَّنا مختارون من الله لنحكم الأرض.

يجب علينا أن نُحطِّم كلَّ عقائد الإيمان.

إنَّ الأمميين كقطيع من الغنم وإنَّنا الذئاب.

إنَّنا كنا الشعب الوحيد الذي يوجِّه المشروعات الماسونية (الخطر اليهودي - بروتوكولات حكماء صهيون"، ترجمة محمد خليفة التونسي وتقديم الأستاذ العقاد، مكتبة دار التراث بمصر - 1977م، الصفحات: 145، 172، 184، 190).

أمَّا عن تاريخها: فيرجع إلى أواخر القرن الماضي، واكتنف ظهورَها على العالم -بعد أن كانت في شكل وثائق سرية- كثير من الملابسات الملفتة للأنظار، فقد طُبعت لأول مرة في روسيا 1905م، ثم انتشرت ترجمتُها في سائر الأقطار الأوروبية بلغات عدة، ولوحظ -كما أشار العقاد أنَّها لا تظهر في لغة من اللغات إلا اختفت على أثر ذلك، وأنَّها اختفت أو تختفي كلما عادت إلى الظهور مترجمة أو مطبوعة من جديد (تعقيب محمد خليفة التونسي على كتاب "الصهيونية العالمية للعقاد"، ص: 157، ط. مكتبة غريب بالفجالة بمصر عام 1968م، ويعلِّق في الختام بقوله: وتفسير هذه الظاهرة فيما نرى أنَّ اليهود يجمعون نسخَها كلما عادت إلى الظهور، يفضح مؤامرة الصهيونية العالمية).

وعندما نُشرت لأول مرة، أعلن اليهود على لسان زعيمهم "هرتزل" التبرُّؤ منها، وأنَّها مزيَّفة، وضغط اليهود على بريطانيا للتدخُّل في روسيا؛ لمصادرة نسخ الكتاب، وكذلك فعلوا أيضًا في فرنسا، وعملوا على إيقاف طبعتِها في ألمانيا، وشاع أنَّه ما من أحد ترجم هذا الكتاب، أو عمل على إذاعته بأيَّة وسيلة؛ إلا انتهت حياتُه بالاغتيال أو بالموت في ظروف مريبة (حقيقة اليهود"، فؤاد بن عبد الرحمن الرفاعي، ص: 39).

وهناك شواهد كثيرة ترجِّح صحة نسبة البروتوكولات إلى اليهود، منها الدراسة المقارنة التي قام بها الصحفي البريطاني "فيكتور مارسون" على أثر الانقلاب الشيوعي في روسيا 1917م، حيث رأى في هذا الانقلاب تحقيقًا عمليًّا لتوقُّعات ناشرها الروسي "نيلوس" منذ نشر البروتوكولات عام 1905م، وكان يحذِّر الروس حينذاك من مؤامرات اليهود (ومما قاله نيلوس حينذاك: ولا يعلم إلا الله وحده كم كانت المحاولات الفاشلة التي بذلتُها لإبراز هذه البروتوكولات إلى النور، أو حتى لتحرير أصحاب السلطان، وأن أكشف لهم عن أسباب العاصفة التي تهدِّد روسيا البليدة التي تبدو من سوء الحظ أنَّها فقدت تقديرَها لما يدور حولها (ص: 244)، البروتوكولات - تعقيب سرجي نيلوس).

كذلك فإنَّ من يراقب ويتفكَّر في أحوال العالم المعاصر، كما فعل "هنري فورد" في كتابه "اليهودي العالمي"، يميل إلى تصديق ما ورد بهذه الوثائق السرية؛ لأنَّ الواقع يشهد بآثارِها على أحوال الأمم والشعوب، كما تشهد بصمات الأصابع على صاحبها، فقد صرَّح ذات مرة لأصدقائه قائلًا: "مهما كانت حقيقة هذه البروتوكولات، فإنَّها تتَّفق مع ما هو واقع الآن، ولا يختلف مضمون هذه البروتوكولات عمَّا جاء في التلمود، ثم يمضي فيذكر أحد نصوصها الذي يتضمَّن أنَّ الثورة الفرنسية من صنع الماسون" (الماسونية تحت المجهر"، د. إبراهيم فؤاد عباس، ص: 28، دار الرشاد - جدة 1408هـ/1988م). وكلُّ من يرجِّح صحتَها يستند إلى مطابقة الواقع لتعاليمِها، وأنَّ لسان الحال أصدق من لسان المقال. (مقدِّمة البروتوكولات للعقاد، ص: 12).