كتبه/ محمد صادق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فكثيرون يظنون أن قوة الدعوة تُقاس بعدد المقاعد البرلمانية أو حجم التمثيل السياسي، لكن الدعوة الحقيقية أوسع وأعمق من أي معركة انتخابية.
الانتخابات قد تكون وسيلة، لكنها ليست غاية.
الصناديق تُفتح وتُغلق، والمقاعد تُمنح وتُسلب، لكن رسالة الدعوة لا تُختزل في سباق انتخابي ولا تتوقف عند خط النهاية في يوم التصويت.
لماذا الدعوة أوسع من السياسة؟
- لأن هدفها إصلاح القلوب قبل القوانين.
- القوانين قد تتغير بين ليلة وضحاها، لكن القلب إذا استقام ظل مصدرًا للخير مهما كانت الظروف، (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11).
- لأنها مستمرة بلا إذن من أحد.
- يمكن منعك من الترشح، لكن لا أحد يمنعك من أن تُعلِّم الناس وتُذكِّرهم بالله.
- لأن أثرها أبقى وأعمق.
مقعد سياسي عمره دورة أو دورتان، لكن تربية جيل قد تُغيِّر مجرى الأمة لعقود.
ماذا يحدث إذا اختزلنا الدعوة في السياسة؟
- نصاب بالإحباط عند أي خسارة انتخابية.
- يتسلل الانتهازيون إلى الصف بحثًا عن المكاسب.
- يضعف الجانب الإيماني والتربوي لصالح الحسابات السياسية.
كيف نوازن بين السياسة والدعوة؟
- السياسة أداة لا سيدة؛ نستخدمها لخدمة أهداف الدعوة، لا العكس.
- المرونة في الوسائل والثبات في الأهداف: إذا أُغلقت أبواب السياسة، نستثمر أبواب المجتمع والتعليم والخدمة.
- توزيع الجهد: لا نترك الميدان الدعوي مع انشغال بعض الأفراد بالميدان السياسي.
مجالات العمل التي لا تحتاج صناديق:
- الميدان الدعوي: الخطب، الدروس، المجالس.
- الميدان التربوي: تحفيظ القرآن، رعاية الشباب، صناعة القدوات.
- الميدان المجتمعي: خدمة الناس، المبادرات الخيرية، الإصلاح الاجتماعي.
- الميدان الإعلامي: المحتوى الهادف، الرد على الشبهات، نشر القيم.
ختامًا:
- الدعوة شجرة جذورها في الأرض وثمارها في السماء.
- قد تهتز فروعها في عاصفة سياسية، لكنها لا تسقط ما دام الجذر ثابتًا.
- فلتكن الانتخابات محطة من محطات الطريق، لا كل الطريق، ولنتذكر دائمًا: "المقعد يُسلب، لكن الدعوة لا تُسلب إلا إذا تركناها بأيدينا".