كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالمجالس أنواع كثيرة، وآدابها أيضًا كثيرة؛ منها: ما هو واجب التحلي به، ومنها ما هو مندوب، وسنشير إلى أهمها:
1- اختيار الجليس الصالح:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) (متفق عليه). أما مجالسة غير الصالحين لحاجة فتكون بضوابطها، وسيأتي ذكر شيء من ذلك -إن شاء الله-.
2- اختيار المكان المناسب للمجلس:
فلا يُجلس في الطرقات، ولا أبواب السكك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ)، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ: (فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا) قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: (غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ) (متفق عليه).
3- السلام عند الدخول والخروج:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الآخِرَةِ) (رواه أبو داود، وقال الألباني: "حسن صحيح").
4- الجلوس حيث ينتهي به المجلس:
فقد جاء من وصف هند بن أبي هالة -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: "وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك"، ولا بأس إذا قدَّمه الجلوس بعد ذلك لفضله أو لسنِّه.
5- اختيار الجلسة المناسبة:
فيجلس بالطريقة التي لا محظور فيها، من تكشف عورة أو تفسيرها، ومن ذلك كراهة الاتكاء على إلية اليد اليسرى خلف الظهر؛ فعن الشريد بن سويد -رضي الله عنه- قال: مَرَّ بي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا جالِسٌ، وقد وضَعْتُ يديَ اليُسْرى خلْفَ ظهْرِي واتَّكَأْتُ على ألْيَةِ يَدي، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقْعُدْ قِعْدَةَ المَغْضوبِ علَيْهِمْ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
6- لا يفرق بين اثنين إلا بعد إذنهما:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَحِلُ للرَّجُلِ أَنْ يُفرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْن إِلا بِإذْنِهِمَا) (رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن صحيح").
7- عدم إقامة أحدٍ والجلوس مكانه:
فعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا"، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يُجْلِسَ مَكَانَهُ" (متفق عليه). ومن رجع إلى مجلسه بعد أن قام منه فهو أحق به، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) (رواه مسلم).
8- ألا يخلو المجلس من ذكر الله -تعالى-:
قال -صلى الله عليه وسلم-: («مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا، لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ) (رواه أبو داود، وقال الألباني: "حسن صحيح")؛ والترة: هي النقص.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.