الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 11 يوليه 2024 - 5 محرم 1446هـ

ليس كل تحزب من دعوى الجاهلية

كتبه/ عبد العزيز خير الدين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فلا شك أن التعصب المطلق الأعمى لجماعة أو حزب أو فئة، تسير على غير المنهج المستقيم خلل في الفهم، وسبيل للاختلاف والفرقة والعصبية المقيتة،  لكن المؤسف أن يردد بعض طلاب العلم هذه المسميات على أنها ضلال وانحراف مطلق دون التثبت من المنهج والعقيدة، وكأن هذه المسميات نزلت فيها نصوص التحريم على الإطلاق!

وبالنظر والتتبع لآيات الله -عز وجل- في القرآن الكريم وجدت أن هذه العبارات والمسميات (حزب - فرقة - طائفة - جماعة - فئة) لم تذكر على سبيل الذم أو التحريم، أو الانتقاص المطلق، بل ذكرت على سبيل الذم أحيانًا، وعلى سبيل المدح أحيانًا أخرى، وهذا يدل على أن التحريم والنهي ليس في المسمى، بل في الضوابط والمنهج الذي ينتمي إليه.

والمؤسف أيضًا أن تجد مَن يبرر فتواه على قول الله -عز وجل-: (هُوَ ‌سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) (الحج: 78)، ولا أدري من يعمل من خلال كيان أو طائفة ملتزمًا بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم سلف الأمة دون إفراط أو تفريط، هل انسلخ من مسمى المسلم؟ لو كانت الإجابة بنعم، فماذا نقول في مسميات بعضها موجودة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخرى في عهد الصحابة والسلف الكرام، مثل: (المهاجرين والأنصار - أهل بدر - أصحاب الشجرة - أهل الصفة - أهل السنة والجماعة - أهل الحديث - الفرقة الناجية - الطائفة المنصورة)؟!

 بل من ينكر العمل من خلال كيان دعوي فإنه يهدم العمل الجماعي الذي أمر به الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ظهر هذا جليًّا في نجاح الدعوة الإسلامية؛ فكيف وصل دين الله -عز وجل- مشارق الأرض ومغاربها إلا بفضل الله، ثم بفضل هذا العمل الجماعي، وتوزيع المهام وفق المهارات والقدرات؟!

 بل الطامة الكبرى: أن ترى من بعض العلماء إنكارًا للعمل الجماعي المنظم المثمر، في الوقت الذي يكاد ويخطط للإسلام وأهله من كيانات أخرى وجماعات أخرى في شتى أنحاء العالم عبر دعم وقوة مادية ومعنوية وخطط منظمة، تهدف لهدم الإسلام.

والله المستعان.