كتبه/ عبد العزيز خير الدين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن الذنوب تورث صاحبها وحشة في القلب، وحرمانًا في العلم والطاعة، وضيقًا في الصدر، وتكون سببًا في قلة الرزق، وزوال النعم.
وتكون أخطر ما تكون إذا كانت الذنوب منتشرة على مستوى المجتمع والدول، فيحل غضب الله -عز وجل- وهلاكه لها كما أهلك الأمم السابقة.
ما الذي سَلَّط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية؟
وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم؟
وما الذي دمر قرى قوم لوط وجعل عاليها سافلها وأهلكهم جميعًا؟
وما الذي أرسل على قوم شعيب العذاب فوق رؤوسهم كالمطر؟
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر؟
وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله الأرض؟
وما الذي أهلك القرون من بعد نوح؟
إلا بسبب الذنوب؛ قال -تعالى-: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت: 40).
إن ما حدث للأمم السابقة من هلاك وعقوبة من الله -عز وجل- لهم إنما بسبب ذنوبهم وإعراضهم عن الحق والطريق المستقيم، فهل تعتبر هذه الأمة بما حدث لمن قبلها، رغم أن الله -عز وجل- قد حذرنا من ذلك في أكثر من موضع؟ فقال -تعالى-: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) (الأنعام: 6).
أخي القارئ: احذر من الذنوب وجاهد نفسك في طاعة الله ولا تشارك في ظلم أو إفساد في الأرض، بل تعاون في إزالته أو تقليله قدر المستطاع لتعذر عند الله، وأنكر المنكر ولو بقلبك على أضعف الإيمان، فالهلاك إذا نزل سيعم الجميع، كما في صحيح البخاري من حديث زَيْنَبَ بْنَت جَحْشٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا، يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ) وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بنت جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ).
اللهم لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا، واغفر لنا تقصيرنا، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.