الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 25 يوليه 2021 - 15 ذو الحجة 1442هـ

الأخوة... كلمة كبيرة تكاد تكون منعدمة!

كتبه/ محمود دراز

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنجد بعض الطوائف أو الجماعات أو أصحاب الفكر الواحد يطلقون هذا اللفظ: "أخي في الله"، والحقيقة أن المعنى الحرفي للفظ لم يتواجد على أرض الواقع كما ينبغي؛ لأن الإخاء يشمل الإيثار، وحب الأخ لأخيه كما يحب نفسه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (متفق عليه).

والأكثر من ذلك: قصة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَعِنْدَ الأَنْصَارِيِّ امْرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ، وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: (مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ)، فَقَالَ: تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً، قَالَ: (فَمَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟) قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) (رواه البخاري).

هذا في أخوة الدِّين والعقيدة؛ أما في أخوة النسب فمِن الأولى أن تكون أكثر من ذلك، ولكن للأسف نجد ساحات المحاكم تعج بالقضايا الخاصة بالميراث الشرعي الذي أوجبه الله، وتولَّى تقسيمه بنفسه؛ حتى لا يدع مجالًا للاجتهاد فيه لعدم وقوع الجور، وهذا الأمر على الرجل والمرأة، فهذا ينتج عن نقص في الإيمان، والإيمان هنا أعلى مِن الإسلام، فالكثير اختار أن يكون في الدائرة الواسعة وهي الإسلام فقط دون الترقي والتقرب إلى مراد الله الحقيقي، وغض الطرف عن قول الله: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:64).

فهناك مَن يعمل للدنيا ونسيَ الآخرة، وكأن دار الفناء هي دار الخلود، وكل يوم تقع العلامات أمام أعيننا، ومنها: "الموت"؛ فهل ينتظر الكثير دخول القبر حتى يندم ولا يجد مخرجًا؟!

لقد طلب البخاري -رحمه الله- لقاء ربه وهو مِن القرون الأول التي هي خير القرون؛ مما أصابه مِن أقرانه والفتن المحيطة به، أما ونحن الآن في ظلِّ هذا الزمان الذي يعج بالفتن المظلمة الحالكة؛ أليس هذا داعيًا أن يفطن المرء ويرجع إلى مراد الله؟!