الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 12 يونيو 2018 - 28 رمضان 1439هـ

شبهة حول أن الإيمان والتقوى مِن أسباب سعة الرزق بينما يوجد كثير مِن الكفار والعصاة أغنياء! وجوابها

السؤال:

1- يقول المسلمون: إن المعاصي تمنع الرزق والبركة، في حين أننا نرى كثيرًا مِن الكفار أغنياء، وهم يفعلون المعاصي بالليل والنهار، وكذلك أهل المعاصي مِن المسلمين كثير منهم أغنياء؟ ويقول المسلمون أيضًا: إن التقوى مِن أسباب كثرة الرزق، والكفار أيضًا أغنياء؟

2- هل صحيح ما جاء في تفسير ابن كثير -وغيره-: أن مِن الناس مَن يكون الأفضل له أن يكون فقيرًا، ولو وسَّع الله عليه لكان فاسدًا، والعكس صحيح؛ فلهذا جعل الله هذا غني وهذا فقير. ولكن السؤال: أليس الواقع فعلًا أن الإنسان يكون صالحًا وهو غني ثم ينحرف إذا قلَّ رزقه أو يكون صالحًا وهو فقير ثم ينحرف بالغنى؟ فكيف يقال بعد ذلك: إن الله يعطي فلانًا الرزق الكثير والغنى؛ لأن الفقر يضره ويضله، ويمنع فلانًا مِن الغنى؛ لأن المال يضله ويجعله ينحرف؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

1- فقد أخبر الله -عز وجل- عن سنته في خلقه، فقال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ . فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:42-45).

فالله -تعالى- له في خلقه شؤون يدبرها؛ فهو يبتلي المؤمن ليرفع درجته، ويفتح على الكافر ليملي له ثم يأخذه (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (الأعراف:183)، ثم هو يجعل الكفار في المعيشة الضنك رغم سعة الدنيا عليهم، والمؤمنين في سعادةٍ وطمأنينةٍ رغم ضيق الحال؛ فالسعادة ليستْ في سعة الدنيا وضيقها، بل هي هبة مِن الخلاق العليم.

2- هذا الأثر رغم ضعف إسناده صحيح المعنى، ولكنه ليس عامًّا لكل الخلق؛ فقد يصلح الله مَن يصلح للخير بالفقر أو بالغنى، فهذا الأمر لمَن أراد الله إصلاحه، وعلم أنه يستحق ذلك، أما خبيث القلب؛ فهو فاسد في الغنى والفقر، وهو أعلم -سبحانه- بالشاكرين، وأعلم بالظالمين، ويضع الأشياء في مواضعها.