الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 09 أغسطس 2016 - 6 ذو القعدة 1437هـ

آلام وجراح... !

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد حدث الأسبوع الماضي جملة أحداث مرت علينا في صخب الحياة المستمر كأنها صامتة، مع أنها مؤلمة شديدة الألم، خصوصًا مع الشعور بالعجز عن معالجة آلامها، ربما إلا بالنسيان.

الأول: حصار "حلب" وقصفها لإبادة أهلها:

في ضوء صمت عالمي يرجح الرضا بما يجري؛ ترسيخًا لتقسيم -على أرض الواقع- لسوريا، وإن ظل مقعد الدولة يمثله في المحافل الدولية "بشار الأسد"، لكن أرض سوريا كالعراق قد تم تقسيمها إلى مناطق نفوذ مشتعلة مع بقاء الصراع -صراع الضعفاء- غير المحسوم الذي يضاعف مأساة المسلمين مِن أبناء الشعب السوري، كالشعب العراقي في أعظم محنة في العصر الحديث.

الثاني: حصار "الموصل" وقطع الاتصالات عنها:

تمهيدًا لاقتحامها الذي ربما يكون قد بدأ -لأننا لا نعرف شيئًا عما يحدث-، وذلك باسم محاربة "داعش"، المبرر الجاهز لكل المجازر والانتهاكات! مع تطهير عرقي واسع النطاق لأهل السُّنة عامتهم؛ رجالا ونساءً وأطفالاً؛ لإحلال مئات الألوف مِن الشيعة الذين سبق دخولهم دفعة واحدة من إيران، ونسي العالم ذلك، ولا تزال "داعش" تُترك لتؤدي نفس الدور الخائن في تقسيم الدول، وإبادة أهل السنة مدينة مدينة، والعالم يبارِك ويؤيد لمحاربة الإرهاب الداعشي! والذي يعلم الجميع مَن صنعَه ونمّاه، وفي مصلحة من! فإيران تُعَدّ لاستلام دور شُرطيّ المنطقة الذي يحافظ على مصالح الغرب -وفي مقدمتها إسرائيل- والمصالح الاقتصادية للغرب، في حين تطلق أيدي ميليشياتها الشيعية في أهل السُّنة ينتهكون كل الحرمات، ولا سامع ولا مجيب -مِن الناس- لصرخات أهلنا في كل مكان.

الثالث: استمرار الوضع المتوتر في "اليمن":

بعد امتناع الحوثيين عن التوقيع على ورقة التفاهم برعاية الأمم المتحدة في الكويت، والتي وقَّعت عليها الحكومة اليمنية، ووافق عليها التحالف العربي الإسلامي؛ ولكنه الإصرار على استمرار الانقسام والتخريب والتدمير، ومِن ورائه القوى الإقليمية والعالمية "أعني إيران، وإسرائيل، والغرب، والروس" التي يستجيب الحوثيون لها ضاربين بمصالح بلادهم وشعبهم عرض الحائط مِن أجل مصالح طائفية هي في حقيقتها مَضارّ محضة؛ فلماذا العناد والإصرار على الباطل وعدم الاستجابة لدواعي المصلحة وقد مدَّ التحالف يده للمصالحة، ولكن ما زالت إيران مِن وراء المشهد؟!

الرابع: إعلان إسرائيل عن بناء المئات مِن المساكن في المستوطنات الإسرائيلية في الأرض العربية المحتلة:

في تكريس لواقع الغطرسة والجبروت الذي لا يعبأ بما يقال عن محاولات السلام ونسيان الحروب، والذي لا يمكن أن يتحقق في الحقيقة؛ لأن السنن الكونية في بقاء نفسية العداوة في قلوب اليهود لأهل الإسلام لن تتوقف (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (المائدة:82)، فمن يخبرنا عن حقيقة ما في نفوسهم مِن بعد الله؟! فعجبًا لمن يظن إمكانية زوال ذلك أو يأمل في التطبيع معهم، ولا يزال الصدّ الشعبي الهائل في نفوس المسلمين والعرب تجاه التطبيع قائمًا لن تخترقه زيارات ولا مقابلات، فرفض الشعوب لهذه الممارسات سيظل مانعًا مما يريدون، مهما ظل موازين القوى في صالحهم، ولكن إلى حين.

الخامس: استكمال إثيوبيا لبناء السد كاملاً، وثبوت خداع أمريكا لمصر في صور الأقمار الصناعية:

أصبحنا أمام واقع مؤلم وحقيقة كارثية حول مستقبلنا بأسره في ضوء أوضاع اقتصادية متردية، تحوّل الأكثرية إلى الفقر المنسي، ولا تعرف إلا المعالجة البائسة مِن خلال القروض الربوية التي تأكل خِدمتُها أكثر مِن ثلاثة أرباع الناتج القومي مع توتر اجتماعي، وسخط وضيق مِن طوائف عديدة، واستقطاب داخل فئات المجتمع، وأنواع مِن الفساد المنتشر والظلم المتعدي؛ هل يوجد بعد ذلك مِن ضرر أشد مِن ذلك؟!

اللهم إليك المشتكى.