الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 15 ديسمبر 2011 - 20 محرم 1433هـ

حول ما نسب لرئيس "حزب النور" من تصريحات

السؤال:

أرجو من فضيلتكم التعليق على كلام الدكتور "عماد عبد الغفور" التالي، وهو موجود على موقع "حزب النور" تحت مقالة له -نقلاً عن بوابة الوفد الإلكترونية- وهو كالتالي:

1- قال د. عبد الغفور: "الدستور عقد اجتماعي بين المصريين، وهو يقرر أنهم جميعًا سواسية في الحقوق والواجبات". فهل معنى هذا أن المسلم والنصراني سواء في كل شيء حتى في تولية الإدارات العليا؟!

2- أشار د. عبد الغفور إلى اختلافه مع التصريحات التي أطلقها الناطق الإعلامي باسم الدعوة السلفية "عبد المنعم الشحات"، والتي أكد فيها أن عضوية غير المسلم بالبرلمان أو تعيينه وزيرًا هي أمور تحتاج لدراسة، وأن دخول المرأة للبرلمان مفسدة، وأن ميدانها الرئيسي هو المنزل وتربية النشء.

3- "تقابلت مع المهندس "نجيب ساويرس" أكثر من مرة في إطار اجتماع القيادات الحزبية والسياسية مع قيادات المجلس العسكري، وفوجئت أنه يسألني: إن كنا سنجبر زوجته على ارتداء الحجاب أم لا؟ وقد أجبته: "بأن ذلك لن يحدث أبدًا، وغير وارد". فهل الإسلام سيترك النصرانية تخرج من بيتها متبرجة، ولا يلزمها حتى بعرف البلد التي تعيش فيه من عدم إظهار مفاتنها من باب العرف لا أقول حتى من باب الشرع؟!

4- نفي د. عبد الغفور احتمالية إخضاع الحريات العامة: كحرية التعبير، والملبس لقواعد الشريعة قائلاً: "هذه الأشياء ليس فيها إجبار وإكراه".

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فالولايات العامة التي أخطرها رئاسة الدولة، وكذا رئاسة الحكومة لا يمكن لأحد أن يخالف إجماع العلماء بعد نص القرآن فيها: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء:141)، قال ابن المنذر: "أجمع العلماء على أنه لا ولاية لكافر على مسلم بحال".

فمن يخالف ذلك بزعم أن الدستور جعل الناس سواسية محجوج بالكتاب والسنة والإجماع، فعليه أن يتوب إلى الله ويرجع عن ذلك كائنًا مَن كان.

ثم الدستور المصري ينص على أن: "دين الدولة الرسمي هو الإسلام، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"؛ فلا يمكن دستوريًا عند جمهور الدستوريين أن يتولى ذلك مَن يعتقد بطلان دين الإسلام، ويُكذب القرآن والرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فضلاً عن إشراكه بالله وكفره به، وادعاء ألوهية بعض المخلوقين! قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (المائدة:17).

ولا مانع من تخصيص نصوص الدستور عند أهله ببعض النصوص الأخرى فضلاً عن أن "الشريعة فوق الدستور"، وهذا أيضًا بنص الدستور السابق ذكره، فكما لا يلزم من النص الدستوري على المساواة أن تُجعل البنت كالابن في الميراث، ولا يلزم أن يُجعل الطلاق للمرأة كما هو للرجل فكذلك لا مانع من تخصيص هذه النصوص الدستورية بما هو فوقها من نصوص الشريعة؛ التي تجعل الولاية العامة وكل الوظائف التي تتعلق بإقامة الدين لا يتولاها إلا مَن يدين بهذا الدين.

والديمقراطيون لا يرون في تحديد ديانة رئيس الدولة عيبًا عندهم، فالمقرر في بريطانيا -أم الديمقراطية كما يسمونها-: "أن الملك أو الملكة هو رئيس الكنيسة الإنجليكانية -البروتستانتية-"، ومقرر عندهم: "أن مجلس اللوردات وهو أحد مجلسي التشريع لا بد أن يكون العضو فيه بروتستانتيًا".

وفي الدنمرك: "ينص الدستور في مادته الأولى "البند 5" أنه لا بد أن يكون رئيس الدولة مسيحيًا إنجليكانيًا".

وفي اليونان: "ينص الدستور في مادته الأولى أنه لا بد أن يكون أرثوذكسيًا".

وفي أسبانيا: "ينص الدستور الأسباني في المادة السابعة أنه لا بد أن يكون كاثوليكيًا".

وفي إسرائيل -واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط على زعمهم-: "لا بد أن تكون كل الوظائف السيادية لليهود، وليس فقط رئيس الدولة مهما تغيرت التركيبة الديموغراقية للسكان؛ فكيف ينكرون على شعوبنا المسلمة حقها في أن يكون رئيسها ورئيس وزارتها، وكل الوظائف السيادية المتعلقة بإقامة الدين وسياسة الدنيا بالدين لا يشغلها إلا المسلمون؟!

2- أما الوظائف الفنية؛ فلا بأس أن يتولاها غير مسلم مأمون على عمله، فقد استأجر النبي -صلى الله عليه وسلم- هاديًا خريتًا في الهجرة، ولعل الدكتور "عماد" يرجع عما قاله في هذه التصريحات -إن شاء الله-، ونحن ننصح له ونبين له.

3- وأما ما ذكر من عدم إجبار النصرانية على الحجاب؛ فصحيح، لكن لابد ألا تخرج في هيئة تفتن الناس، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) (الأحزاب:59).

4- ومسألة الحريات العامة لا بد أن تضبط بالشريعة التي هي النظام العام لمجتمعاتنا، وأظن الدكتور "عماد" -حفظه الله- رجاع لكتاب الله، هذا ما عهدته عليه وعلمته عنه، وأنه يجعل القرآن والسنة فوق الاعتبارات السياسية.