كتبه/ غريب أبو الحسن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد أقدم الكيان الصهيوني على إحدى غدراته المعتادة، فقد قصف الكيان وفد حماس المفاوض، والمجتمع في إحدى البنايات السكنية بالدوحة للنقاش حول المبادرة الأمريكية الأخيرة بشأن غزة، والغدر صفة ملازمة لليهود؛ قال -تعالى-: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء: 155).
فقصف الوفد المفاوض لحماس غدر، وقصف المباني السكنية غدر، وقصف دولة وسيطة غدر، واعتداء على سيادتها، ثم خرج رئيس الكنيست بالكيان الغاصب وقال: "إن ما حدث رسالة لكل الشرق الأوسط".
وهي بالفعل رسالة لدولنا العربية والإسلامية ينبغي أن تقرأها جيدًا:
- فقواعد اللعبة قد تغيرت والخطوط الحمر قد تبدلت ألوانها.
- والقواعد العسكرية الأمريكية لم تعد توفر الأمان، بل ربما تشارك في العدوان.
- وأمريكا أصبحت تعد المصائد لتخدر خصوم الكيان الصهيوني ليقوم الكيان بالقضاء على خصومه، كما فعلت مع إيران من قبل، فتم قصف إيران بينما كانت تدرس إيران العرض الأمريكي في ذلك الحين.
- ولم تعد إسرائيل تغتال خصومها بعمليات استخباراتية كما فعلت مع خالد مشعل في الأردن وفشلت، أو مع المبحوح في الإمارات، بل تغتال في وضح النهار وبقصف المباني السكنية وتخرج وتفتخر بذلك، وهو مستوى من الاستهانة غير مسبوق.
- لا تبحث إسرائيل عن مخرج من جريمتها في غزة، بل تسعى لإتمام جريمتها كاملة وحتى النهاية وبضوء أخضر أمريكي.
- وعلى إثر قصف الكيان لمفاوضي حماس ستختفي قيادات حماس عن الأنظار إن كتب لها النجاة، وستتوقف قطر عن الوساطة وربما مصر، وربما هذا ما يريده نتنياهو ليكمل حلمه بتصفية القضية الفلسطينية.
- إن معادلة الأمن في دول الخليج والقائمة منذ عشرات السنين اهتزت بعنف، وحقيق على الأحداث أن تفرض معادلة جديدة، معادلة تنفق فيها أموال المسلمين على بناء قوة ردع بأيدي المسلمين، لتقبض أيديهم على زر الإطلاق، وليست يد من ليس له عهد ولا ذمة.
- إن خط الدفاع الأول عن الأمة هم أبناء فلسطين الأبية الصامدون منذ 48 والذين إن توفر لهم الدعم الحقيقي أرهقوا الكيان وأفشلوا مخططاته وأشغلوه بنفسه.
- ودعم الدول الملامسة للكيان والتي هي في موقع متقدم من المواجهة، مثل مصر والأردن، ينبغي أن يكون من أولى استراتيجيات الأمن في دولنا العربية والإسلامية.
- آن لدولنا العربية والإسلامية: أن تدرك أن معادلة الأمن ينبغي أن تكون في تعاونها وتمسكها بحبل الله، واعتصامها به.
- وأن تدرك أن الوحدة العربية مبنية على وحدة الدين واللغة والتاريخ، لتحقق الأمن والتعاون والصمود في وجه الأعداء، واستجلاب رضا الله سبحانه وتعالى ورحمته.
- إن إنفاق آلاف المليارات لإرضاء أمريكا، أو على المناسبات الرياضية والفنية، لا يليق بأمة زحف الخطر حتى حل بدارها وطرق عليها الباب.
- لا يليق بأمة تملك المال والعقول والأراضي والخبرة ثم تطلب الحماية من الشرق والغرب، وتضيع السنين والمقدرات، ثم تجد نفسها بعد هذا كله لم تجمع غير السراب، وتفيق على أن اليد التي كان ينبغي أن تحميها هي التي تبطش بها.
- إن طريق الوحدة معروف، وبوصلته السعي لرضا الله -سبحانه وتعالى-، والزاد فيه هو العمل الصالح والتقوى، وجلاء ظلمته في نور الوحيين، وعقد الولاء فيه على ما علَّمنا ربنا؛ قال -تعالى-: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ . تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ . لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة: 78-83).
- الأحداث كاشفة؛ ليبصر من سارعوا لإبرام معاهدات إبراهيمية مع الكيان: أن تلك المعاهدات وما بها من باطل لن تقيهم غدر يهود ولا مكر يهود.
فاللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك والقادر عليه.