الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 09 سبتمبر 2025 - 17 ربيع الأول 1447هـ

مختصر تاريخ تطور مدينة القاهرة (2-2)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد تَراجَعَتْ مكانة مدينة القاهرة بِسُقوط دولة المماليك في مصر، حيث أصبحت مصر تابعة للدولة العثمانية، وانتقلت دَفَّة الحكم إلى الأتراك في الآستانة، كما فَقَدَت القاهرة ازدهارها التجاري باكتشافات أوروبا الجغرافية للعالم الجديد واستخدام طريق رأس الرجاء الصالح وتحوُّل التجارة العالمية إليه.

القاهرة تحت الحكم العثماني:

كان للدولة العثمانية دَوْرٌ عظيم في حماية بلاد المسلمين وتوسيع حدودها، خاصة جنوب شرق أوروبا، كما قامت برعاية مصالح المسلمين، يتضح ذلك من حجم وكثرة المساجد التي ما زالت موجودة في أوروبا وغيرها.

وكانت إدارة مصر تحت الحكم العثماني في القرن السادس عشر الميلادي والسابع عشر والثامن عشر - الذي شهد في نهايته قدوم الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1799م - تتم من خلال والٍ عثماني تُعيِّنه الآستانة يُلقَّب بالباشا، لكن يقيم بقلعة القاهرة التي هي مقر الحكم، يُعيَّن معه كذلك شيخ البلد، وهو من المماليك لمساعدة الوالي، ويُطلق عليه لقب (بك).

ونظرًا لقِصَر مدة هؤلاء الولاة المعينين على مصر في الحكم، إلى جانب وجود فترات من الصراع السياسي بين الباشوات والبكوات، لم تشهد البلاد تطورًا كبيرًا على مدار هذه القرون الثلاث، إذ شهدت القاهرة آثارًا معماريَّة قليلة مقارنة بفترة حكم المماليك التي امتازت بالعمارة الكثيرة والرفيعة. ومن آثار العمارة العثمانية في تلك الفترة: مسجد سنان باشا ، الذي تولى الولاية في مصر مرتين، ويوجد مسجده في حي بولاق، ويُعَدُّ من المساجد المهمَّة المبنية على الطراز العثماني، وكان المسجد يُعَدُّ جزءًا من مجمع يضم سبيلًا وكتابًا للتعليم وثلاث وكالات وجزءًا سكنيًّا وحمامًا عموميًّا، ومسجد الملكة صفية -رحمها الله- في منطقة وسط القاهرة، ومسجد مراد باشا في حي الجمالية، وكذلك مسجد محمد بك أبي الذهب بجوار الجامع الأزهر، الذي بناه أبو الذهب على الطراز المملوكي الذي يخالف ما كان عليه الطراز العثماني من المآذن النحيلة كما في مسجد سنان باشا.

وقد امتزجت التقاليد المملوكية بالعادات والتقاليد العثمانية، واشتهرت في القاهرة خلال تلك الفترة (المقاهي)، حيث عَرَفَت مصر القهوة كمشروب في القرن السادس عشر. وكانت تلك المقاهي مكانًا محببًا لدى رجال القاهرة يرتادونها بكثرة، حتى بلغت تلك المقاهي مع نهاية تلك الفترة العثمانية نحو 1350 مقهى، بما يُعادل مقهى لكل 200 شخص، وذلك طبقًا لما جاء في إحصاءات علماء الحملة الفرنسية. كانت المقاهي بلا أثاث، بها فقط دككات من الخشب، يرتادها كل طبقات الشعب، ويتردد عليها الحكواتية والأراجيز وعرائس الظل والمهرجون لإمتاع الموجودين.

وفي أواخر العصر العثماني، تطوَّرت الكتاتيب والأسبلة التي كانت ملحقة بالمدارس أو تشغل ركنًا من أركان الجامع لتصبح بناءً مستقلًّا، الطابق الأرضي منه سبيلًا لشرب الماء، وأعلاه يوجد الكتاب. ومن هذه الأسبلة: سبيل خسرو باشا، ويقع في منطقة الأزهر، ويُعَدُّ من المنشآت المعماريَّة المهمَّة في العصر العثماني، وسبيل القزلار، وسبيل عبد الرحمن كتخدا، وغيرهم.

القاهرة خلال الحملة الفرنسية:

خلال الفترة القصيرة التي شهدت وجود الحملة الفرنسية في مصر من 1799م إلى 1801م، عَكَفَ علماء الحملة الفرنسية على دِراسة وفحص القاهرة وفحص مصر كلها، وإعداد موسوعة علميَّة دقيقة فريدة متكاملة في وصف مصر وقتها من حيث الموارد والعمائر، وعادات المصريين وتقاليدهم، وغير ذلك.

وقد لَحِقَ القاهرة خلال فترة الحملة الفرنسية القصيرة الكثير من التدمير من خلال اعتداءات الحملة الفرنسية الوحشية لقمع المصريين، حيث دَمَّر الفرنسيون الكثير من أحياء القاهرة والمباني والمساجد لإخماد مقاومة الأهالي، إلى جانب استيلاء قادة الحملة على مجموعة من قصور الأمراء المماليك، كما أخلى الفرنسيون قلعة القاهرة ممن فيها، وثَبَّتوا عليها المدافع لضرب مدينة القاهرة بها. كما أنشأ الفرنسيون بيوتًا للبغاء بالقرب من بحيرة الأزبكية وجعلوها متاحة للجنود الفرنسيين وللمصريين (راجع في ذلك: تاريخ الجبرتي، كتاب (القاهرة) لعبد الرحمن زكي الجزء الثاني).

القاهرة في عهد محمد علي:

بعد جلاء الحملة الفرنسية عن مصر عام 1801م، تولَّى محمد علي باشا حكم مصر منذ عام 1805م حتى وفاته تحت السلطة الاسميَّة للدولة العثمانية. قام محمد علي بإصلاحات كثيرة في معظم قطاعات الحياة في البلاد من زراعة وصناعة وتجارة وتعليم وصحة، وهي إنجازات كبيرة نَقَلَت مصر إلى العصر الحديث لتحاكي الدول الأوروبية، وتصبح مصر بها دولة قوية اقتصاديًّا وعسكريًّا. وقد شهد عهد محمد علي ازدهارًا معماريًا واسعًا، حيث تم بناء العديد من القصور والمساجد والمنشآت الحكومية والعسكرية على الطراز العثماني وعلى الطراز الأوروبي.

بنى محمد علي (قلعة محمد علي)، وتقع في مواجهة قلعة القاهرة (صلاح الدين) على جبل المقطم بحي الخليفة بالقاهرة. وكانت أسوار القلعة وأبراجها مسلحة بالبنادق والمدفعية قصيرة المدى، ويوجد بالفناء ثكنات للجند، وصهاريج ضخمة لتخزين المياه.

ورغم كون القلعة كانت مقر الحكم في مصر طوال حياة محمد علي، فقد بنى فيها قصر الجوهرة، ويقع قِبلي مسجد محمد علي داخل القلعة. وقد عَمَدَ محمد علي إلى بناء العديد من القصور في أماكن أخرى، فبنى في شبرا قصرًا قريبًا من النيل عام 1809م، وبنى أيضًا قصر الحرم داخل القلعة، ويشغله حاليًا المتحف الحربي القومي.

وقد شَيَّدَ محمد علي جامعه (جامع محمد علي) على مساحة كبيرة داخل قلعة القاهرة (صلاح الدين)، وقد بنى الجامع على طراز معماري عثماني جميل على غرار بناء مسجد السلطان أحمد بالآستانة، وقد دُفِنَ محمد علي في هذا الجامع عند وفاته عام 1849م. كما بنى محمد علي سبيلًا (محمد علي) تصدقًا على روح ابنه الأمير طوسون ، ويقع رأس حارة الروم المتفرعة من شارع المعز لدين الله الفاطمي بوسط القاهرة، وبنى سبيلًا آخر تصدقًا على روح ابنه إسماعيل باشا، ويقع في شارع المعز أمام مدرسة الناصر محمد بن قلاوون بحي وسط القاهرة.

وقد ساعدت المباني التي شَيَّدَها محمد علي على المزيد من أعمال البناء والتطوير التي امتدت لتصبح أحياء واسعة بعد ذلك، حيث أدخل محمد علي فنون العمارة الأوروبية الحديثة، وخطط لشوارع واسعة، وميادين كبيرة، وحدائق عامة، وبنى قصورًا جميلة، مما زاد من عظمة العمران في القاهرة.

كما أنشأ محمد علي أمام قلعة القاهرة من الناحية الشمالية الغربية من حي الخليفة حاليًا في شارع سكة المحجر مبنى (الدفترخانة) عام 1829م تمهيدًا لعصر التوثيق والحفظ والحَصْر، وهو ما يُعرف بدار المحفوظات العمومية.

القاهرة في عهد الخديوي إسماعيل:

تولَّى الخديوي إسماعيل حكم مصر عام 1863م بعد حكم إبراهيم وعباس وسعيد الذين تولوا حكم مصر بعد محمد علي . وقد واصل الخديوي إسماعيل مسيرة تحديث القاهرة التي بدأها محمد علي، واهتم بمجالات أخرى لم يهتم بها محمد علي قبله. لذا يُلقِّبه البعض بالمؤسس الثاني لمصر الحديثة.

شهدت القاهرة في عهد إسماعيل نهضة معماريَّة واسعة وتوسعًا عمرانيًّا كبيرًا، وتأثُّرًا واضحًا بالعمارة الأوروبية، خاصة الطراز الفرنسي، مما جعل القاهرة تبدو وكأنها (باريس الشرق).

ونظرًا لأن القاهرة القديمة (قاهرة العصور الوسطى) كانت قد ضاقت بمكانها وزمانها، فكان لا بد من التطلع إلى تجاوز حدودها لتمتد خارجها، برغبة من الخديوي إسماعيل ، فصارت لها أبعاد جديدة، خاصة نحو الغرب والشمال من القاهرة القديمة، لتأخذ القاهرة شكلها الحديث من ناحية اتساع الحيز وشكل المعمار والميادين، بالإضافة إلى نظام الحكم والإدارة، أي أصبحت القاهرة قاهرتين جنبًا إلى جنب: القاهرة القديمة والقاهرة الجديدة الحديثة.

أسَّس الخديوي إسماعيل نظامًا نيابيًّا وإداريًّا وسياسيًّا، وشق الترع، وأقام الكباري، وأنشأ الطرق والسكك الحديدية، والبريد.

ولما كان من المتعذر تغيير نسيج القاهرة القديمة، قرر إسماعيل الاتجاه نحو الجانب الغربي من القاهرة لبناء قاهرة خديوية جديدة، وعهد بهذه المهمة الكبيرة للمهندس علي مبارك. وبالنظر إلى ما استجد من مبانٍ وشوارع وجسور في أطراف القاهرة، نجد أنها زادت في عهد إسماعيل بشكل كبير، فاستجدت شوارع في الإسماعيلية (التحرير حاليًا) والفجالة وغيرهما، وبنى كوبري قصر النيل المزين بتماثيل الأسود، وبنى جسر شبرا وجسر أبي العلا وطريق مصر العتيقة، وقد بلغت أطوال الشوارع والحارات الجديدة 280 ألف متر، بمساحة 332 فدانًا تقريبًا، أي ما استجد يقرب من نصف مساحة الحارات القديمة.

بنى إسماعيل قصر عابدين وجعله المقر الرئيسي للحكم بدلًا من قلعة القاهرة، كما بنى قصر القبة الفخم، وقصر الجزيرة، وقصر بولاق الدكرور.

وقد استُحدثت في عهد إسماعيل أول حديقة حيوان، وأول دار أوبرا، وهي تُعَدُّ تحفة معماريَّة مصغرة من دار أوبرا ميلانو بإيطاليا، وأول المسارح، وأول دار للكتب (كتبخانة) التي أُنشئت لتكون أكبر مكتبة في المنطقة، وظهرت المتاحف، لتصبح القاهرة الخديوية مقصدًا للثقافة والاستجمام؛ كما بُنيت أحياء جديدة من أجل الجاليات الأجنبية والمستثمرين الأجانب، ومُنحت أراضٍ للشركات الأجنبية لتقيم عليها أحياء وضواحي جديدة مخططة تخطيطًا جيدًا، فساهم ذلك في إنشاء جزيرة الزمالك، وتخطيط حي جاردن سيتي دائري الشكل وبه حدائق صغيرة على غرار النمط البريطاني، وبُنيت مدينة نصر الجديدة في الجهة الشمالية للقاهرة، وبُني حي المعادي في المنطقة الجنوبية على الطراز الإنجليزي، وأُسست شركة حدائق القبة.

ويُطلق على منطقة قلب القاهرة في فترة الخديوي إسماعيل اسم (القاهرة الخديوية)، والتي تبدأ من كوبري قصر النيل حتى منطقة العتبة.

وقد أثقل الخديوي إسماعيل مصر بالديون الأجنبية نتيجة الإسراف في الاقتراض؛ لأن مشاريعه كانت بتمويل من أوروبا، مما سمح بالتدخل الأجنبي في شؤون البلاد، وأجبر إسماعيل على بيع أسهم قناة السويس نظرًا للديون المتراكمة. وفي عام 1879م، تم عزل الخديوي إسماعيل عن حكم مصر بمرسوم من السلطان العثماني بضغط إنجليزي فرنسي، وتم تعيين ابنه الخديوي توفيق لحكم مصر بدلاً منه. وتم ترحيل إسماعيل إلى الآستانة للإقامة الجبرية فيها حتى وافته المنية هناك.

القاهرة تحت الاحتلال الإنجليزي:

دخلت القوات البريطانية مصر عام 1882م بعد مواجهة مع الجيش المصري بقيادة أحمد عرابي، حيث استقر الجيش الإنجليزي في منطقة العباسية بالقاهرة، وكانت منطقة نائية في ذلك الوقت. ومن خلال نظرة المحتل المستفيد من البلاد، عَمِلَت إنجلترا على الاستفادة من موارد مصر، خاصة خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، فأنشأت العديد من المشروعات لتيسير ذلك، كمشروعات السكك الحديدية وتعبيد الطرق وتوفير شبكة طرق ومواصلات ذات كفاءة عالية تخدم نقل المواد الخام من مصر إلى دول أوروبا. وتم خلال تلك الفترة التوسع في زراعة القطن على حساب باقي الزراعات الأخرى، نظرًا لاهتمام بريطانيا بالقطن المصري، مما أحدث فجوة غذائية في مصر.

القاهرة بعد ثورة يوليو 1952م:

شهدت مصر بعد ثورة يوليو رفع الحماية البريطانية عن مصر، وجلاء القوات البريطانية عن مصر، وتغيُّر نظام الحكم فيها، بإلغاء النظام الملكي وإقامة النظام الجمهوري، مما أدى إلى تغيير جذري في هيكل الحكم والسياسة في مصر. وخاضت مصر عدة معارك في 1956م و1967م و1973م؛ كما شهدت مصر خوض تجارب اقتصادية ومشروعات كبرى، مثل زيادة الرقعة الزراعية واستصلاح أراضٍ صحراوية، من خلال مشروع مديرية التحرير ومشروع الوادي الجديد، وبناء السد العالي؛ كما تم إنشاء مصانع للحديد والصلب والغزل والنسيج وغيرها. وقد شهدت القاهرة تحولات وتوسعات عمرانية كبيرة، بالإضافة إلى إنشاء طرق جديدة، مثل طريق صلاح سالم، وظهور مناطق جديدة مثل مدينة نصر وألف مسكن، وإنشاء مبانٍ مهمَّة مثل مبنى الإذاعة والتلفزيون (في ماسبيرو)، وبرج القاهرة، وإستاد القاهرة الرياضي. كما شهدت القاهرة دخول مترو الأنفاق في عام 1987م كأول مدينة في إفريقيا تدخل فيها هذه الخدمة المتميزة، والتي ساهمت في تسهيل حركة المواطنين وتخفيف الازدحام المروري في القاهرة.

وقد تحوَّلَت القاهرة من مرحلة التكوين والتشكل والاكتمال، لتدخل بعدها مرحلة التضخم والانفجار المكاني والسكاني، وما شابها من مظاهر الضعف والترهل والإهمال، فظهرت فيها مناطق تُفصل بين الأغنياء والفقراء، حيث الأغنياء يَأْمَنون خطر الفقر والفقراء ويحتفظون بمسافة بينهم وبين المحتاجين. وفي ظل نمو حضري سريع وانخفاض قيمة العملة وتقلص معدل إنفاق الدولة، ظهرت مناطق كاملة بشكل عشوائي ومبانٍ وشوارع دون تخطيط أو سيطرة. وهذه المناطق العشوائية مع الأحياء الفقيرة تُعاني بشدة من فقدان الطرق الجيدة وفقدان المياه النقية الملائمة وتفتقر إلى الصرف الصحي المناسب وحُرمان دائم من المتنزهات والحدائق العامة، فهي أماكن تَضيق بأصحابها وتَخنقهم بما فيها من تلوث وضوضاء. هذا في الوقت الذي تُعاني فيه المصالح الحكومية من الازدحام والتزاحم والاختناقات.

أبرز مشاكل مدينة القاهرة:

- ارتفاع نسبة المواليد، والنمو السكاني السريع، وارتفاع الكثافة السكانية فيها؛ مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الخدمات والموارد، ويزيد من الازدحام المروري والتلوث.

- الازدحام المروري.

- ارتفاع معدلات التلوث والضوضاء العالية.

- حاجة البنية التحتية إلى تطوير شامل، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي وشبكات الطرق.

- انتشار العشوائيات والمناطق غير المخططة.

- المشاكل الاجتماعية مثل الفقر والبطالة.

- إهمال التراث العمراني، وتأثُّر الآثار التاريخية التي تتوسط الأحياء السكنية بمشاكل الصرف الصحي والمياه الجوفية.

- التكدس السكاني وتكدس الخدمات وصور الثقافة وأشكال الترفيه، في ظل مركزية الحكم فيها على مدى ألف عام.

إنشاء مدينة القاهرة الجديدة:

أُنشئت مدينة القاهرة الجديدة طبقًا لقرار رئيس الجمهورية لسنة 2000م، وكانت حدودها من الجهة الشمالية طريق (القاهرة / السويس)، ويَحدُّها من الجهة الجنوبية طريق (القطامية/ العين السخنة)، ومن الناحية الشرقية طريق الروبيكي، ومن الناحية الغربية الطريق الدائري. وتبعد القاهرة الجديدة عن حي المعادي 15 كيلومترًا، ونحو 5 كيلومترات عن حي مدينة نصر.

وجاء نمو مدينة القاهرة الجديدة من خلال أربع مراحل رئيسية شكلت عمران المدينة:

المرحلة الأولى: امتداد لمدينة نصر، واستقرت على وجود ثلاث تجمعات: الأول والثالث والخامس.

المرحلة الثانية: مدينة القاهرة الجديدة، وتُعَدُّ تعديلًا لبعض برامج المشروعات الخدمية والسكنية لخدمة فئات متنوعة للارتقاء بها، بالإضافة إلى وجود خدمات ومرافق متميزة.

المرحلة الثالثة: امتداد اللوتس، والتي اشتهرت بمستواها السكني المتميز والراقي، وذلك نتيجة الطلب على السكن بها، ووجود الخدمات بها، خاصة المدارس والجامعات المتميزة.

المرحلة الأخيرة: وتضم المشروعات المجاورة، منها المشروعات الكبرى على طريق السويس، مثل مشروع مدينتي ومدينة المستقبل.

ظهور الحاجة إلى نقل العاصمة السياسية خارج القاهرة:

في ضوء ما سبق، ظهرت الحاجة الملحة إلى نقل العمل الحكومي والسياسي إلى خارج مدينة القاهرة، ويؤكد على الحاجة إلى ذلك أمور؛ منها:

نقل الوظائف السياسية خارج القاهرة أسهل وأقل تكلفة من إعادة تفكيك ونقل المنشآت الاقتصادية المهمَّة فيها، فالمدن يمكن أن تعيش دون أن تتواجد فيها حكومة، ولكنها لا تعيش دون مقوماتها الاقتصادية الرئيسية.

نقل وظائف الحكم خارج الوزارات والهيئات الحكومية واختناقات الطرق يُساهم في تفريغ القاهرة من أعداد كبيرة من سكانها، من الإداريين والموظفين وأسرهم في القطاعات المختلفة، مما يُخفف من مشكلات القاهرة الحالية المزمنة في السكن والمواصلات، وأزمة مباني الوزارات والهيئات الحكومية وتخفيف اختناقات المرور والطرق.

هذا مع ضرورة مراعاة:

- إبعاد ومنع إقامة المنشآت ذات العمالة الكثيفة بالقاهرة.

- أن تكون العاصمة السياسية الجديدة بعيدة عن القاهرة بعدًا كافيًا بقدر يمنع إمكانية تلاحم عمرانها مع القاهرة القديمة، لكن يواجه نقل العاصمة السياسية من القاهرة إلى موقع آخر بعيد عنها صعوبات عديدة، منها:

- الارتباط العاطفي بين القاهرة وكونها عاصمة لمصر لأكثر من عشرة قرون.

- كون القاهرة مركزًا حضاريًّا وثقافيًّا وماليًّا مصريًّا وعربيًّا، لا يُستغنى عنه، مثلها مثل المدن العالمية الكبرى مثل نيويورك وفرانكفورت وشنغهاي.

- صعوبات نقل الموظفين من القاهرة إلى خارجها نظرًا لارتباطاتهم بالقاهرة وأسرهم فيها، وبالتالي فهناك الحاجة الماسة إلى تسهيلات كبيرة وحقيقية وكافية في السكن والخدمات والتعليم والتثقيف والترفيه.