الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 04 يونيو 2024 - 27 ذو القعدة 1445هـ

الاتِّبَاع (2)

كتبه/ طلعت مرزوق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فاعلم أن أئمة السلف جميعًا -رضي الله عنهم- على وجوب اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعدم جواز مخالفته، ومنهم الأئمة الأربعة.

قال أبو حنيفة: (إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي)، (لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه)، وفي رواية: (حرام على مَن لم يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي)، وزاد في رواية: (فإننا بَشَر نقول القول اليوم، ونرجع عنه غدًا)، وفي أخرى: (ويحك يا يعقوب! -وهو أبو يوسف- لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى الرأي اليوم، وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا، وأتركه بعد غد)، (إذا قلتُ قولًا يخالف كتاب الله -تعالى-، وخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فاتركوا قولي).

وقال مالك بن أنس: (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه)، (ليس أحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا ويؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-).

وقال الشافعي: (مَا مِن أحدٍ إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعزُبُ عنه، فمهما قلتُ مِن قول، أو أصّلت مِن أصل، فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلاف ما قلت؛ فالقول ما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو قولي)، (أجمع المسلمون على أن مَن استبانت له سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يَحِلَّ له أن يَدَعَهَا لقول أحد)، (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقولوا بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وَدَعُوا ما قلت)، وفي رواية: (فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى قول أحد)، (إذا صح الحديث فهو مذهبي)، (أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح فَأَعْلِموني به -أي شيء يكون: كوفيًّا، أو بصريًّا، أو شاميًّا-؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا)، (كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أهل النقل بخلاف ما قلت؛ فأنا راجع عنها في حياتي، وبعد موتي)، (إذا رأيتموني أقول قولًا وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلافُه؛ فاعلموا أن عقلي قد ذهب)، (كل ما قلت فكان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف قولي مما يصح؛ فحديث النبي أولى، فلا تقلدوني)، (كل حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني).

وقال أحمد بن حنبل: (لا تقلدني، ولا تقلد مالكًا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ مِن حيث أخذوا)، وفي رواية: (لا تقلد دينك أحدًا مِن هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-وأصحابه؛ فَخُذ به ثم التابعين بَعْدُ؛ الرجلُ فيه مخيَّر)، وقال مرة: (الاتِّباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه، ثم هو مِن بعد التابعين مخيّر)، (رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة؛ كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار)، (مَن ردَّ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو على شفا هَلَكة) (انظر: صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- للألباني).

قال ابن القيم -رحمه الله- في النونية:

الـعِـلْـمُ قـال الـلـهُ قـال رَسـُـولـُه               قال الصَّحابَةُ هم أُولُو العِرْفانِ

ما العلـمُ نَصْبُكَ للخِلافِ سفاهـةً               بين الرَّسـولِ وبيـنَ رأيِ فـلان

وللحديث بقية -إن شاء الله-.