الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 27 مايو 2024 - 19 ذو القعدة 1445هـ

تكوين الشر والإلحاد

كتبه/ وائل رمضان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن المتأمل في أبعاد ظهور هذا الكيان المؤسسي المسمى: "تكوين الفكر العربي"، والذي ضم عددًا من الرموز المعروفة بمعاداتها للإسلام وثوابته، والطعن في السنة النبوية وازدرائها، وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، يتأكد بما لا يدع مجالًا للشك معه أنه كما وصفه أحد علماء الأزهر: "تحالف شيطاني جديد لهدم ثوابت الدِّين، وتعدٍّ للخطوط الحمراء تجاه ثوابتنا لإحداث فتنة فكرية على يد ثلة من المرجفين باسم التنوير والتزوير!".

وإن المتأمل في مثل هذه الكيانات: يعلم يقينًا أنَّ المنافقين لا يزالون يتوارثون راية "ابن سلول" جيلًا بعد جيل، فمنذ بداية ظهور قوة الإسلام وعِزة أهله، بدأ هؤلاء يخططون ويحيكون المؤامرات، وبدأت تكتلاتهم ضد الإسلام وأهله، ولم ينقطع مكرهم وكيدهم في أي وقت من الأوقات، وإن تغيرت مظاهره ووسائله من حين إلى حين.

فالمنافقون هم المنافقون مهما تباينت شعاراتهم وتعددت مشاربهم، ولقد نبأنا الله من أخبارهم بما يكفي لهتك أستارهم وفضح أسرارهم، إنهم (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (النساء: 142)، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (البقرة: 11).

لقد عرف هؤلاء في صدر الإسلام باسم: المنافقين، لكنهم في عصرنا هذا ادعوا أنهم: "الحداثيون"، "التنويريون"، "العلمانيون"، ولكن سيظل اسمهم الحقيقي: "المنافقون"؛ لأنهم يتظاهرون بالإصلاح وهم مفسدون (وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ) (البقرة: 12)، ويتظاهرون بالثقافة: (وَلَكِن لَّا يَعْلَمُونَ) (البقرة: 13)، فماذا نسمي الذين يريدون إبعاد الأمة عن هويتها وحضارتها، وعن عزِّها ومقوماتها، بل الذين يريدون اقتلاعها من جذورها لتقع فريسة لأعدائها؟!

إن فتنة المنافقين وخطرهم أشد من خطر الكفار والمشركين، ولقد حذَّر الله منهم فبيَّن أنهم هم الأعداء الحقيقيون، فالعدو الذي يُظهر عداوته أهون بكثير من المنافقين الذين قال الله عنهم: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (المنافقون:4).

إنَّ المسلمين اليوم -ولا سيما العلماء والدعاة منهم-  مطالبون بمواجِهة هذه الكيانات ببصيرةٍ نافذة، وفِقهٍ شرعي واقعي، وتخطيط علمي، وإتقان عملي، فالحرب بيننا وبين هؤلاء علمية فكرية في المقام الأوَّل، ولن يكفي فيها الردودُ العاطفيَّة، والخُطَب الوعظيَّة، والجهود الحماسيَّة الفرديَّة المجرَّدة عن التخطيط العلمي المدروس.

وإنَّ هذه المواجهة يجب أن تتَّخذ محورين أساسيين:

الأول: فضْح هؤلاء المنافقين، وبيان خطرهم وجهْلِهم وكذبهم، وكشْف طرائقهم الخبيثة وأساليبهم الرَّخيصة، وإظهار عوار أفكارهم، وما تشتمِل عليْه كتُبُهم ومصادرهم من موبقات ومثالب.

الثاني: الرَّدّ على هذه الافتراءات بأسلوب علمي منهجي يُراعي أحوال المخاطَبين ومستوياتهم، ويتناسب مع مقامات الرَّدّ المختلفة، بحيث تُشكِّل الردود في مجموعها توعيةً شاملة لجميع أفراد الأمَّة من جهة، وإقامة للحجَّة القاطعة على المفترين والتَّابعين لهم والمستمِعين إليْهِم من جهة أُخرى.