كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فـ"ودت العاهرة لو أن كل النساء زانيات"؛ ذلك هو المناط، وتلك هي الحقيقة الواقعية المؤلمة؛ حقيقة انقلاب المعايير، وتحول العهر إلى أمر يحاولون فرضه على أهل الطهر!
فعندما تعترف رئيسة "والت ديزني" أن ابنيها مثليان، وأنها تنوي بث برامج ومحتوى للأطفال يشجع على الشذوذ والمثلية، وحينما تتسلَّط الدول الغربية -وأمريكا على رأسهم- على العالم لتقوده نحو الشذوذ والمثلية رغمًا عنه بكلِّ هذه البجاحة الإعلامية، وباستخدام كل وسائل التهديد الاقتصادي أو الدعم في الاضطرابات السياسية، أو حتى عبر وسائل الترفيه: كالكرة، والألعاب الإلكترونية، تحت مفاهيم العولمة الثقافية؛ فهذا جرس إنذار لنا لنفهم ما يراد بمستقبل أولادنا، وما يخططونه لدمار مجتمعاتنا بعد ما استشعروا قرب الانهيار الداخلي لمجتمعاتهم بغرقهم في كل مستنقعات الرذيلة والشذوذ والإباحية.
وهذا يدفعنا للحرص جميعًا بشدة على حماية أبنائنا من عهر هؤلاء القوم عن طريق العودة الحقيقية لنشر القيم الأخلاقية والتعاليم الدينية، والعمل على حسن التربية الإيمانية والتي هي المانع الرئيس على الحقيقة من غرق أبنائنا في وحل هذا العالم المفتوح على مصراعيه والمليء بمثل هذه القاذورات، حتى لا نتفاجأ جميعًا أن أبنائنا وأجيال المسلمين القادمة صارت كما يتمنى ويخطط هؤلاء الشواذ لنا.
ويدفعنا هذا أيضًا على أن نحرص كآباء وأمهات على مراقبة تلك المحتويات الإعلامية التي يتعرض لها أبناؤنا ومنع الفاسد منها، فالتربية تعتمد على عِدَّة عناصر؛ فهناك التربية الوقائية، كما أن هناك تربية بنائية وتربية علاجية، والوقاية كما هو معلوم خير من العلاج.
ومن أعظم سبل التربية الوقائية: زيادة الوازع الإيماني في القلوب ببيان حكم هذه الأفعال الشاذة في شرع الله وكثرة طرح خطورتها على المسلم في الدنيا والآخرة أولًا، ثم زيادة الوعي بتلك الطرق الخبيثة التي يستخدمها داعمي هؤلاء الشذاذ لتمرير مفاهيمهم وتسويغها في النفوس والواقع.
لذا يجب التنبيه دائمًا على التالي:
- معرفة حكم فعل قوم لوط:
قد بيَّنت الشريعة الإسلامية الغراء أن جريمة الشذوذ من اللواط والسحاق -واللواط هو: أن يأتي الرجلُ الرجلَ، والسحاق هو: أن تأتي المرأةُ المرأةَ- من أعظم الجرائم، وأقبح الذنوب، وأسوأ الأفعال وقد عاقب الله فاعليها بما لم يعاقب به أمة من الأمم، فهي تدل على انتكاس الفطرة، وطمْس البصيرة، وضعف العقل، وقلة الديانة، وهي من أعظم علامات الخذلان، وسلم الحرمان؛ فقد قال -تعالى-: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ . إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ . وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (الأعراف:80- 84).
وقال أيضًا في بيان حال قوم لوط: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ . وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (الحجر:72- 76).
وقد ذكر المفسرون أن من أسباب هلاك نساء قوم لوط -مع أزواجهم- أنهن كن يفعلن هذه الفعلة الشنيعة؛ لأنه لما استغنى رجالهم بالرجال عن النساء، ولم تجد النساء مَن يقضي وطرهن من الرجال استغنى بعضهن ببعض عن الرجال، فقد جاء في تفسير الألوسي -رحمه الله-: "وبدأ أيضًا السحاق في قوم لوط -عليه السلام-، فكانت المرأة تأتي المرأة، فعن حذيفة -رضي الله تعالى عنه-: إنما حق القول على قوم لوط -عليه السلام- حين استغنى النساء بالنساء، والرجال بالرجال. وعن أبي حمزة: قلتُ لمحمد بن علي: عذب الله -تعالى- نساء قوم لوط بعمل رجالهم؟ فقال: الله -تعالى- أعدل من ذلك، استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء".
وللحديث بقية -إن شاء الله-.