الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 30 أكتوبر 2023 - 15 ربيع الثاني 1445هـ

حكم مَن يقول: لا يلزم دفع اليهود وجهادهم لأن الله إذا أراد إهلاكهم سيهلكهم!

السؤال:
أثناء محاورة بيني وبين بعض الناس قال لي: إن اليهود لا يلزمنا أن نقاتلهم هم أو غيرهم؛ لأن ما هم عليه هو دينهم، والله هو الذي خلقهم وهو يعلم أنهم سيفعلون ذلك، ولو أراد الله أن لا يخلقهم أو لو أراد أن يهلكهم لفعل -سبحانه وتعالى-، والله على كل شيء قدير، ويفعل ما يشاء، وكل شيء يفعله هو بحكمة ولحكمة، فما حكم هذا الكلام فأنا أشعر أنه لا يمكن أن يكون مقبولًا، وإن كنت لا أملك ردًّا عليه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهذا الكلام ضلال مبين، وخَلْط بين الأمر الكوني، وهو أن الله -تعالى- خلقهم وهو يعلم ما يفعلون، وأن ذلك بحكمته وعلمه، وبين الأمر الشرعي الذى هو قتالهم ودفعهم؛ فالاحتجاج بالقَدَر لترك الشرع هو سبيل المشركين الذين قالوا: (‌لَوْ ‌شَاءَ ‌اللَّهُ ‌مَا ‌أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ . قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأنعام: 148-149).

ولو كان هذا الكلام صحيحًا لما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- محقًّا في جهاد الكفار؛ لأن ما هم عليه هو دينهم، والله خلقهم وهو يعلم أنهم سيفعلون ذلك، ولو أراد الله أن لا يخلقهم أو يهلكهم لفعل، وكفى بهذا خروجًا عن الدِّين، بل إبليس نفسه ينطبق عليه ذلك؛ فعلى هذا الضال الجبري إذًا ألا يجاهد إبليس، وأن يفعل المعاصي والكفر الذي يأمر به إبليس! فلو قال ذلك خَرَج مِن الملة.