الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 14 سبتمبر 2022 - 18 صفر 1444هـ

مفاتيح الأرزاق (٢)

كتبه/ حسن حسونة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

فمفاتيحُ الأرزاق مفاتيح شرعية نستجلب بها الخيرات، ونستمطر بها الرحمات والبركات، وهذه المفاتيح جاء خبرها إما في القرآن، أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك مِن فعلِ سلفنا الصالح من جيل الصحابة إلى مَن بعدهم رضوان الله عليهم، فمنها: 

1- الالتزام بالدين ظاهرًا وباطنًا: وتحقيق التوحيد لله رب العالمين، ورؤية أثر ذلك في أنفسنا وبيوتنا، وأعمالنا وشوارعنا، وسِلمنا وحربنا، وحياتنا كلها؛ هذا المفتاح الذي حَّول الجيل الأول من رُعاة للغنم إلى قادة أُمم، وفتحوا المشارق والمغارب في غضونِ ربع قرن من الزمن، دانت لهم فيها العرب، ودفعت لهم العجم الجزية، وقصص السيرة تشهد بذلك.

وتوحيد الربوبية في قضية الرزق: "إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين". 

وتوحيد الإلهية: "فابتغوا عند الله الرزق". 

وتوحيد الأسماء والصفات: أن الله تعالى من أسمائه الحسنى الرزاق، فندعوه بهذا الاسم: يا رزاق ارزقني، وأعطني، وبارك لي، مع تعلق القلب به عز وجل، "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها"، وهذا مفتاح عظيم لمن تدبره وتأمله، وفي حقيقة الأمر أن كل المفاتيح الآتية مردُها ومرجعها إليه.

2- أن تُصبح والآخرة هَمك: أي: أن تبحث عن رضا ربك إذا أصبحت في أقوالك وأفعالك، وأخلاقك وسلوكك؛ هل ما تقوله وتفعله يرضي الله أم لا؟ وبناءً على إجابتك يتحدد حالك ووضعك؛ فإن كنت في هؤلاء الذين يبحثون عن رضا الله؛ فأبشر بالخير "من أصبح والآخرة همه جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة"، فلا شك أنها بشرى سارة وعظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان كذلك. 

3- كثرة الاستغفار: بأي صيغة كانت؛ فتجعل لنفسك وردًا يوميًّا من الاستغفار مائة مرة أو أكثر، كما يكون لك وردٌ من القران، ومن أذكار الصباح والمساء، ومن الصلاة على رسول الله، وقد نصح نوحٌ عليه السلام بالاستغفار وبشَّر بالخير العميم الذي يحصل من ورائه، كما قال تعالى عنه في دعوته لقومه: "فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفارًا . يرسل السماء عليكم مدرارًا . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارًا".

4- صلة الرحم: كما ورد في الحديث: "من أحب أن يُنسأ له في عُمره ويبسط له في رزقه؛ فليصل رحمه".

5- حُسنُ التوكل على الله: "وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين"، وهذا يكون بتعلق القلب بالله جل وعلا، ومباشرة الأسباب المباحة دون الركون للأسباب.

6- الإنفاق في سبيل الله: ولا تعتقد أن النفقة تنقص مالك، بل يخلفها الله لك: "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين"، "وما نقص مال من صدقة"، فنفقتك يبارك الله لك فيها، ويخلفها لك. 

7- الدعاء والتضرع لله: بأن يفتح الله عز وجل لك من البركات والخيرات، ويرزقك الخير ويبارك لك فيه، ولا يسلِّط عليك ظالمًا أو فاسقًا، ويكون ذلك في أوقات مَظِنة الإجابة؛ في سجودك، وثلث الليل الآخر، ويوم الجمعة، وغير ذلك، "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم".

فهذه بعض المفاتيح الشرعية التي نستجلب بها الخير والبركة، والرزق من الله تبارك وتعالى؛ فلا تجعل أيها المسلم ما تسمعه وتشاهده من غلاء الأسعار، والأوبئة، والحروب، والأزمات الاقتصادية، وغير ذلك، يقعدك عن السعي والعمل، فنحن أمة الأمل، وأمة الخير والعمل، وقد مَرَّ في حياة الأنبياء أكثر مما تتخيل، ومع ذلك لم ينقطع عنهم الأمل، "وتلك الأيام نداولها بين الناس"، ودوام الحال من المحال؛ فثق بالله وتعلق به، وتوكل عليه ولا تيأس، وخذ بما شرعه الله من الأسباب، يأتيك الخير العظيم منه سبحانه وتعالى. 

أسأل الله أن يرفع البلاء والغلاء عنا وعن المسلمين في كلِّ مكان.