الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 02 يونيو 2022 - 3 ذو القعدة 1443هـ

البناء الفكري من قصص الكتاب والسُّنة (5) قصة أصحاب الأخدود

كتبه/ محمد سعيد الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعَنْ صُهَيْب أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَنْ غُلامِ أصحَابِ الأُخْدُودِ بَعدَ مَا فشِلَ الملكُ في إرجاع الغلام عن دينه: "إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي".

فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، رَبِّ الْغُلامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ.

فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ (حُفِرت) وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا؛ فَفَعَلُوا، حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلامُ: يَا أُمَّهْ، اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ".

الدروس المستفادة:

1- أرشَدَ الغلامُ إلى طريقةِ قتْلِهِ؛ مِن أجلِ مَصلحةِ وُصُولِ الدعوة إلى كافة الناسِ، ورؤيتهم أدلة صِدقها، وهذه المصلحة أكبر مِن مَفسدةِ قتْلِهِ.

2- إذا وُجِدَ ضَرران، أحدهما: عام، والآخر: خاص؛ فإنه يُرتكَب الضَّرر الخاص لدفع الضرر العام؛ لأنَّ الضررَ الخاص أهونُ مِن الضَّررِ العام، وهذا ما فعله الغلام.

- فالضرر العام: بقاءُ الناس على الكفر، وعدم وصول دعوة الحقِّ إليهم.

- والضرر الخاص: قتلُ الغلام ظلمًا.

- التضحيةُ بالنَّفْس مِن أجل إيمان الناس غير واجبة؛ وإنما هي مستحبة.