الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 21 أغسطس 2021 - 13 محرم 1443هـ

أزمة أخلاق

كتبه/ محمود دراز

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الأمة الإسلامية الآن تعيش أزمة أخلاقية؛ فهذا على المحيط الواسع الذي يضم جميع المسلمين ورسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- أتت بكلماتٍ لَخَّصت الهدف الأسمى للرسالات السماوية في قوله -تعالى-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4). أي: وإنك يا محمد لعلى أدب عظيم، وذلك أدب القرآن الذي أدَّبه الله به، وهو الإسلام وشرائعه.

وقوله -تعالى-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فيه مسألتان:

الأولى: قال ابن عباس ومجاهد: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ): على دينٍ عظيمٍ مِن الأديان.

الثانية: روى الترمذي عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).

 ومن السنة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

وإنما لغة أداة حصر، أي: حصرت البعثة كلها في إتمام الأخلاق؛ لأن بإتمامها لن تجد مشركًا ولا عاصيًا، ولا حاقدًا، ولا نمامًا، ولا شريرًا، ولا سارقًا، ولا كاذبًا، ولا قاتلًا، ولا مؤذيًا، وكل هذا تجده في صفات كثيرٍ مِن المسلمين في جنبات الأرض، وعلى العكس تمامًا من مراد الله، وما أَمَر به عباده؛ فنجد الكثير من المنشغلين بعيوب إخوانهم ويتتبعون عوراتهم، وأصبحت الغيبة والنميمة هي بديهيات الكثير من المجالس، وأول طعام يُوضَع على المائدة الكلامية، وقد حذرنا الصادق الذي لا ينطق عن الهوى من ذلك، فقال: (مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (متفق عليه)، فاختار هؤلاء عدم الستر لأنفسهم في مقابل هتك أعراض الناس وفضحهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

إننا نعيش في أزمةٍ أخلاقيةٍ علاجها: التمسُّك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة من الرعيل الأول، من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم أفهم الأمة لكلام الله ولكلام نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فالأمة لن تقود ولن تعود لريادتها إلا إذا أتمت صالح الأخلاق، كما نفذ ذلك أصحاب الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-!