الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 06 أبريل 2019 - 1 شعبان 1440هـ

حتى لا يؤذي المسلمين!

كتبه/ عبد القادر عمر  

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد روى الإمام في مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ) (رواه مسلم)، وفي رواية: (مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ) (رواه مسلم).

يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أنه رأى رجلًا يتقلب في الجنة، فيُحتمل أن تكون هذه الرؤية منامية، أي: رأي النبي في منامه هذا الرجل، أو أنه رآه حقيقة في الجنة (في المعراج)، أو أراه الله الجنة، فرأى هذا الرجل يتنعم فيها بسبب شجرة نحاها مِن طريق المسلمين حتى لا تؤذيهم.

وفي هذا الحديث مِن الفوائد ما يأتي:

- سعة رحمة الله وكرمه، فقد أجزل المثوبة لهذا الرجل على هذا العمل اليسير، وهذا معنى اسمه الشكور؛ فهو الذي يعطي -سبحانه- على اليسير مِن العمل الكثير مِن الأجر.

- يدل هذا الحديث على أنه ينبغي لكل مسلمٍ الحرص على الطاعات وعدم الزهد فيها، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا) (رواه مسلم)، فالعبد لا يعلم أي الأعمال الصالحة تكون سببًا لنجاته (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) (الزلزلة:7).

- في هذا الحديث تجد أيضًا شفقة هذا الرجل ونصحه للمسلمين، فقد قال: (وَاللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ)؛ فلعله رُحم برحمته للمسلمين؛ ولهذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ حَسَنَةً) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني)، فإرادة الخير للمسلمين والشفقة عليهم مِن أعظم القربات.

- وفي هذا فضيلة ظاهرة للعلماء والدعاة والناصحين للأمة الذين يضيئون للناس طريقهم إلى الله، ويريدون لهم الخير بحفظ دينهم وإزالة ظلمات الجهل عنهم.

- الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة.

- فضيلة إماطة الأذى عن الطريق.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.