المشاركة في الانتخابات الرئاسية (شبهات وجوابها)
السؤال:
1- ما الحكم في نزول الانتخابات الرئاسية مِن الناحية الشرعية؟
2- هل إعطاء الرئيس السيسي أصواتنا في الانتخابات يكون تأييدًا له على دماء "رابعة"؟ لأنني عندما ذكرتُ لصديقٍ لي موقف ابن عمر -رضي الله عنهما- وموقف الإمام مالك وأبو حنيفة -رحمهما الله- كان رده هؤلاء بشر يمكن أن يخطئوا! وقال لي: كيف تقبلون بمن تلطخت يده بالدم، بل الدكتور ياسر نفسه قال: "إن دماء رابعة الجميع مسئول عنها؛ سواء المتسبب والقاتل والآمر"، وهذا معناه أن السيسي أكيد له نصيب مِن المسئولية على أقل تقدير؛ فكيف تدعمه وتعطيه صوتك؟!
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فنزول الانتخابات لا يرتبط بذاته بالأحكام الشرعية، بل بمآلاته وتعلقه بالمصالح والمفاسد، فإذا علمنا مآلات المقاطعة الخطيرة على البلاد، وتعريض نظامها عالميًّا لضغوطٍ لا تحتملها البلاد؛ لتتخذ مواقف ليستْ مِن صالحها، ومِن أخطرها: الموقف مِن "القدس"، ووجود التوجهات الإسلامية المعتدلة التي يحاول الغرب دائمًا أن يصفها بأنها منبع الإرهاب!
ولعلك سمعتَ تعليق أحدهم في "البي بي سي" على حادثة التفجير بالإسكندرية، حيث قال: "إن هذا بسبب وجود الدعوة السلفية التي معقلها الإسكندرية، وهي منبع الجماعات الإرهابية!"، وغاب عنه "أو تعامى عمدًا وقصدًا" أن الإسكندرية ظلتْ وإلى اليوم أقل محافظات الجمهورية عبْر أكثر مِن 35 سنة في العمليات الإرهابية.
والحقيقة -بلا شك- أن مِن أعظم أسباب ذلك: "وجود الدعوة السلفية بها"؛ رغم أن الإسكندرية أيضًا معقل مِن أهم معاقل الإخوان الذين يتبنى طوائف مِن شبابهم، مثل: "حسم" -وغيرها- طريق العنف، ومع ذلك تنشر "البي بي سي" على العالَم هذا التعليق؛ فأدرك حينئذٍ خطورة الموقف في حين يحقق موقف العموم البريطاني في مزاعم الإخوان أن "المتمردين" (وليس الإرهابيين) في سيناء يقاومون حكومة الانقلاب مِن أجل عودة د."مرسي" مع أنهم يكفِّرون د."مرسي" والإخوان، ولكن لكي يتحول الأمر إلى صراعٍ مسلحٍ، تتدخل فيه "الأمم المتحدة" وغيرها مِن الدول، فمَن ساهم في إظهار مصر بصورةٍ ضعيفةٍ وغير متماسكة؛ فترتب على ذلك ضرر بملايين الشعب المصري، ومنه الإخوة والأخوات المنتمين للسلفية؛ فهو شريك في إثم هذا الضرر، وانتهاك الحقوق والحرمات بسبب الضغوط الدولية والعراق ثم سوريا ثم ليبيا ثم اليمن أمثلة على ذلك.
2- بالقطع لا يكون انتخاب "السيسي" تأييدًا له على كل مواقفه وتصرفاته، بما في ذلك "رابعة" التي أنكرنا طريقة معالجتها وقتها، وقبلها وبعدها، بل علينا النصح له وهو المسؤول أمام الله عن تصرفاته، وللعلم هو يقول: "إنه يبحث عن ذلك"، وإذا كان صاحبك لا يعجبه ابن عمر -رضي الله عنهما-، وأبا حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل الذي كان المأمون خليفة زمانه يقول بخلق القرآن الذي هو كفر عند الإمام أحمد وكافة علماء أهل السُّنة، بل ويدعو إليه الناس ويمتحنهم، ومع ذلك لم يأمر بقتاله ولا بالثورة عليه والمظاهرات مع طاعة الناس له؛ لأنه يخشى مِن سفك الدماء، وسُجن أكثر مِن عامين، وجلس في بيته ممنوعًا مِن الدرس والإفتاء مدة تقاربها - إذا كان صاحبك لا يعجبه كل هؤلاء، وأن الأئمة ليسوا مسؤولين عن الدماء التي أراقها أمراؤهم، ولكن تعجبه قناة "مكملين" و"الشرق" و"الجزيرة" وأهل البدع في هذه الأحكام الشرعية فليقلدهم إذن وليترك العلماء، وحسابه عند الله.
وإنما أعطي "السيسي" صوتي؛ لأنه الأمثل في هذا الوقت، وإلا فأخبرني عن البديل، ولو هدم هذا النظام والقوات المسلحة كما يسميها أحدهم -فضَّ الله فاه ودفع شره عن المسمين-: "مليشيات كامب ديفيد"؛ فأين النظام البديل الذي يقود البلاد ويحافظ على مصالح العباد، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فنحن نتعاون على البر والتقوى مِن الحفاظ على البلاد واستقرارها ومنع الفوضى عنها، ولم نتعاون على إثم وعدوان، ولا قَبِلْنا التحاكم إلى غير الشريعة، كما يزعم التكفيريون القتلة!