الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 24 يونيو 2017 - 29 رمضان 1438هـ

حول قوله -تعالى-: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)

السؤال:

1- ما معنى قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (الأنفال:24)؟ وهل معنى ذلك أنه يمكن أن يريد شخص الهدى والحق ثم لا يَهتدي إليه، ولا يوفق له؛ لأن الله أراد أن يَحُول بيْن قلب هذا الإنسان وبيْن الإيمان، فيصرفه عن الإيمان رغم أنه يفكر فيه ويطلبه؟ وكيف يتفق هذا التفسير مع اسمي الله: الرحمن والرحيم، ومحبة الله لهداية الناس؟

2- كيف نجمع بيْن قوله -تعالى-: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (الأنعام:110)، حيث تفيد الآية: أن مَن أبى الإسلام لا يهتدي إليه بعد ذلك، وأنه يجب عليه أن يسلم أول ما يظهر له الحق، فكيف نجمع بيْن هذا وبيْن أننا نرى أناسًا كثيرين مِن الكفار قد ظهر لهم الحق والهدى مرات، ثم بعد ذلك أسلموا وماتوا على الإسلام، فهم أسلموا بعد أن رفضوا الحق مرات كثيرة، ولم يقلِّب الله أفئدتهم وأبصارهم؟

3- كيف نجمع بيْن الآيتين السابقتين، وبيْن أن مِن المسلمين مَن يكون على الإسلام ثم يرتد ويموت على الكفر، مِن جهة أن المسلم المرتد كان مسلمًا؛ فلماذا يحول الله قلبه مِن الإسلام إلى الكفر؟ ومِن جهة أخرى: هذا الإنسان أسلم وآمن مِن أول مرة؛ فلماذا يقلِّب الله قلبه وبصره؟

4- ما معنى أن الله يضل مَن يشاء؟ وكيف يكون هذا الإضلال مِن الله للعبد؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فالله -تعالى- يحول بيْن مَن لم يستجب لله وللرسول -صلى الله عليه وسلم- لما ظهر له الحق أول مرة، فامتنع، فيحول الله بينه وبيْن الاستجابة بعد ذلك عقوبة منه -عز وجل- وعدلاً منه، مع هذا الإنسان الذي اختار الضلال على الهدى، فأزاغ الله قلبه، ويحول بيْن المؤمن وبيْن الكفر والنفاق، فيعصمه منه ثوابًا وفضلاً منه -سبحانه- على اهتدائه الأول.

2- فضل الله واسع، وقد يتفضل على مَن يستحق العقوبة، وقد يعامله بعدله، لكنه -سبحانه- لا يظلم الناس شيئًا.

3- المسلم الذي ارتد عاقبه الله ببعض ذنوبه التي استمر عليها وأصر؛ فزادت ذنوبه، وازداد بُعدًا حتى فُتِن.

4- يضل الله مَن يشاء بعدله، مِن خلال عمل الإنسان، وقدرته ومشيئته.